الأحد 7 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 8 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

غزة ليست أولوية لإيران

تكثر التحليلات العسكرية والسياسية في ظل الحرب القائمة على غزة، ويذهب البعض بهذه التحليلات مولحاً بحرب إقليمية، كون دخول اميركا على خط الصراع سيستدعي دخول إيران، أو الإيعاز لميليشياتها في المنطقة بمهاجمة معسكرات أميركية.

وبحسب المراقبون، فأن إيران لن تدخل بحرب ليست حربها، صحيح انها تدعم بعض الفصائل وتملها وتزودها بالأسلحة، إلا أن الهم الأساسي لإيران يبقى حلمها النووي، وكل ما تقوم به هو من أجل تحقيق هذا الحلم الذي يبدو صعباً، لأن طهران اختارت طريق الحرب لا السياسة وهذا لن ينفع مع عواصم القرار بما فيها روسيا والصين.

ويرى هؤلاء المراقبون عبر “صوت بيروت انترناشيونال”، صحيح أن إيران تملك أوراقاً قادرة على زعزعة الاستقرار في المنطقة، إلا انها عندما تشعر بأن أي ورقة من هذه الأوراق ستحترق ويصل الحريق إليها، سترميها من دون تردد، وستتخلى عن هذه الأوراق عند أي تسوية مقبلة.

فمن أبرز الهموم التي تشغل إيران حالياً بحسب المراقبين ليس حرب غزة، ولا الجبهة الشمالية لإسرائيل أي جنوب لبنان، بل هي تعقيدات الوضع الداخلي، فالأغلبية لم تستطع التناغم مع أدبيات الثورة، ولا تجد راحة في القيود التي فرضها النظام، وتعاني من انعدام الأمن الداخلي، ومن شح في الضروريات، سواء في الغذاء أو في مواد البناء وفي مراكز العلاج، وأخطر من ذلك، التضييق على الأقليات وملاحقتهم في ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم، والمضايقات حول مراكز العبادات. وفوق ذلك، فرض مواصفات محددة على المرأة ومظاهرها في الملابس، فلا توجد حرية في الاختيار، لا في السياسة ولا في حرية التعبير، ولا أحزاب تمارس مسارها السياسي والفكري، مع إبعاد المفكرين الإيرانيين وملاحقتهم، وإخضاع الجميع لمتطلبات الثورة والانسجام مع فلسفتها والولاء لإملاءاتها.

أفرزت هذه الأجواء الجافة المخاوف من سلوك النظام مع حتمية المواجهات الداخلية، وضغوطات خارجية تمس الاقتصاد، وتقلبات العملة، وتناقص الاحتياطي من العملات الصعبة. وفوق ذلك، إدراك قيادة الثورة استحالة تحقيق أهدافها في الداخل وفي الخارج، فالمعارضة الداخلية لم تتوقف وتهدر طاقات القيادة التي تلاحق الداخل وتراقب الخارج، فتدرك سلبية التعامل الإقليمي والانكماش العالمي من نوايا طهران في سلوكها المؤذي والمتواجد في جميع البقاع، خصوصاً الآن في عواصم أميركا اللاتينية، ومن تصاعد الحذر العالمي، وتقلُّص المساندة سواء في لبنان أو سوريا، كل هذه العناصر المتعبة والمعقدة، دفعت قيادة إيران إلى تبنّي نعومة الاقتراب من دول الجوار، وفق تبادلية المصالح، وتبادلية الاحترام للأنظمة، والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية خليجياً وعربياً وحتى عالمياً.