يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان في رحلة “حج ” ثانية لكن بدور مختلف كون إدارة ماكرون فقدت حصرية المبادرة بعد الاجتماع الخماسي في قطر وبيانه الختامي الذي كان صارماَ تجاه المعرقلين لعملية انتخاب رئيس الجمهورية والإجراءات التي ستتخذ ضدهم.
من الواضح وفق مصدر دبلوماسي سابق ان فريق الممانعة يستشعر تغيرات وان كانت نسبياً في المشهد العام الإقليمي والدولي حيال لبنان، وقد ثبت لديه أن الدور الفرنسي انحسر من رأس حربة الى مفوض لمجموعة الدول الخمس بهدف استقراء واستكشاف المواقف اللبنانية، وخلفيات الموقفين الإيراني والسوري ومن خلالهما “حزب الله”.
وبالتالي فان الكلمة عادت بقوة الى واشنطن، ولو ان الأخيرة تحرص على النأي بالنفس عن الدخول في أي مواقف او سجالات نافرة على الصعيد اللبناني، ولكن بالتأكيد ان مجموعة الخمس ترتبط جذرياً بالأميركيين على رغم الكلام والتخمينات التي لا تستند الى أي وقائع واما حيال انحسار الدور الأميركي سواء في لبنان أو في المنطقة.
ويضيف المصدر ان الدول ال4 الشريكة في مجموعة الخمس هي دول حليفة للولايات المتحدة الأميركية، ولا يمكن مهما اتسعت دائرة الانفتاح لديها لاسيما بالنسبة لمصر او بالنسبة للمملكة العربية السعودية وقطر، لا يمكن ان تخرج هذه الدول عن المظلة الأميركية الأمنية والسياسية، وبالتالي تتجه الأنظار الى واشنطن لتكون لها كلمة الفصل لاسيما في مواجهة الإيرانيين ان على صعيد الصدام السياسي او على صعيد الحوار السياسي.
ومن الواضح ان “حزب الله” يفتقد الى قراءة شاملة لأبعاد البيان الأخير للدول الخمس، في ضوء بروز علامات تراوح بين الاستغراب والصدمة لدى الحزب حيال البيان المذكور، الذي بدلا من التهويل كما العادة ومن دون سقف بادر الى لغة مدروسة لم تخلو من التهويل ولكنه سعى من خلالها الى جس نبض قوى المعارض ، ومدى استعدادها للحوار وقد أتته الأجوبة سريعة، ان لا حوار وفق منطقه، مع أسئلة مفادها حول ماذا سيكون الحوار ومع من وبالتالي لا فائدة أي حوار.
وانطلاقاً من هذه المعطيات يرى المصدر ان “حزب الله” يشعر بنوع من الارباك، ولذلك يفضل التحفظ والحذر وعدم الخوض في أي مبادرات سواء تصعيدا او من خلال توجيه إشارات حلحلة، فيما المعارضة تبدو متماسكة في وجه “حزب الله” أقله على صعيد الموقف السياسي وتعتبر ان بيان اللجنة الخماسية كان أفضل من المتوقع ووضع نقاط عدة على الحروف وأفهم “حزب الله” بأن الاستمرار في العرقلة سينعكس عليه سلباَ وعلى حلفائه ولن ينفع في تغيير موقف الدول الخمس حيال رفض المرشح سليمان فرنجية.
في أي حال يقول أحد اركان المعارضة ان “حزب الله” لجأ في الأيام الأخيرة رداً على بيان الدوحة الى ما يشبه “حرتقات ” واستفزازات صغيرة تنم عن مدى احراجه وارباكه، لاسيما وانه حاول من خلالها الرهان على استفراد قوى معارضة من هنا وابتزاز أخرى من هناك ، علما انه وفي طيات موقفه نعى الحوار سلفاَ ، اذ اعتبر ان الحوار هو على طروحاته ومرشحه وليس على طروحات جديدة وخلاقة ، وعلى مرشح جديد لا يكون في “جيبه” ويمثل الحد الأدنى من الالتزام بالسيادة والإصلاح.