للمرة الأولى التي أشاهد فيها لبنان بلا طائفية، لبنان الجميل الذي كاد أن يصبح سويسرا الشرق لولا الطائفية المقيتة، لبنان الذي أصبحت الطائفية فيه كالهواء لابد أن تستنشقه، ويتغلغل إلى داخلك ويتفاعل مع جزئيات دمك، الطائفية التي كبلت لبنان عقودًا طويلة ومنعته من الانطلاق إلى الحياة.
كم من الحروب أشعلتها هذه الطائفية، البذرة «الخمينية» التي لم يجن منها لبنان إلا الخراب والدمار، كم من الاغتيالات التي نفذت باسم الطائفية، وإن كانت تصنف على أنها سياسية، إلا أن السياسة في لبنان معجونة بماء الطائفية.
اليوم يتوحد الشعب اللبناني من أجل لبنان بكل طوائفه، كنت مترددًا عن قول هذه العبارة حتى شاهدت أبناء الطائفة الشيعية المؤيدة لـ«حزب الله» يتنصلون من طائفيتهم وينضمون إلى وطنهم، شاهدتهم يقفزون من سفينة الطائفية التي قادتهم سنين طويلة نحو الجوع والفقر ونحو الفساد الذي يدعمه زعيمهم حسن نصرالله، قفزوا ليلحقوا بركب وطنهم لبنان، لوحت لهم شجرة الأرز وقالت «لم أعد أحتمل الخراب والدمار والأزمات الاقتصادية التي تسبب بها متنفذون فاسدون مدعومون من هذا ومن ذاك».
خرج «نصرالله» يتوعد ويهدد وكان يعتقد أن اختياره لمناسبة أربعينية الحسين -رضوان الله عليه- سوف تحفز أبناء طائفته معه، أعتقد أن الخطابات العاطفية والدينية سوف تقف أمام جوع وفقر أبناء طائفته، ولكنه لم يدرك أن الجوع والفقر لا يفرق بين شيعي أو سني، درزي أو مسيحي.
أما لماذا يريد حسن نصرالله بقاء لبنان بهذا الوضع؟ فالجواب واضح وصريح، «نصرالله» مستفيد من الفساد والاضطرابات التي تحصل، فمن خلال اللادولة يستطيع تمرير صفقاته ويحصل على الدعم المالي من إيران، فصفقات غسيل الأموال وصفقات تجارة المخدرات والأسلحة تمرر تحت غطاء دعم المقاومة، واستمرار اللادولة في لبنان هو استمرار لوجوده كمنظمة إرهابية مسلحة.
ولكن يبقى السؤال هنا: إلى أي مدى يستطيع الشعب اللبناني الصمود؟ إلى أي مدى يستطيع أن ينبذ الطائفية التي فرقته؟ إلى أي مدى سيصبر الشعب اللبناني على آلامه وجراحه في وجه المقاومة من حزب الفاسدين و«حزب الله» الذي لا يريد للبنان وإرادة شعبه أن تنتصر؟، مدى التحمل هو المقياس الحقيقي لنجاح ثورتهم فإما أن يصمدوا أو ينتصر «نصرالله».
تغريدة: كم أتمنى أن أزور لبنان ولا أشم في أزقته رائحة الطائفية.
الكاتب : محمد السلمي , كاتب سياسي اجتماعي يحمل الاجازة في اعلام من جامعة الملك عبدالعزيز