على وقع الضربات الإسرائيلية التي ينفذها الطيران الحربي الإسرائيلي على القرى الجنوبية، والتفجيرات الضخمة لبعض القرى الجنوبية والاستهدافات التي تطال البقاع اللبناني، يضاف إليها المسيرات التي لم تغادر الأجواء اللبنانية لاسيما الضاحية الجنوبية، تبحث فيها عن صيد “ثمين”.
رغم طغيان الحدث السوري اثر سقوط نظام بشار الأسد على الملفات المشتعلة في المنطقة، الذي شكل ضربة قاضية للمحور الإيراني وسقوط مشروعه التوسعي، الا ان لبنان مازال يعيش هاجسان الاول امني يرتبط بالتزام “حزب الله” ببنود اتفاق وقف اطلاق النار لناحية تسليم مخازن اسلحته، وهو الذي التزم بعدم اطلاق الصواريخ باتجاه “اسرائيل” باستثناء الضربة التي نفذها باتجاه موقع السماقة في مزارع شبعا المحتلة بعد مرور حوالي اسبوعين على توقيع الاتفاق، اما الثاني فيرتبط بانتخابات رئاسة الجمهورية التي حدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري موعدها في التاسع من الشهر الجاري، التي من خلالها تبدأ اعادة هيكلية الجمهورية اللبنانية من رأس الهرم لانهاء الفراغ الذي سمح بحصر الاتفاقات بشخص رئيس المجلس ، وبات الممثل الاوحد للدولة و”حزب الله” والمحور في آن ، في حين ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يتولى المهام التي بامكانه “تصريفها”.
بدأ العد التنازلي لموعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لكن الافق لا يوحي بامكانية تصاعد الدخان الابيض … المرشحون الطامحون كثر، ولم تعد أسماؤهم تدور في الكواليس ، بعضهم اعلن ترشيحه بشكل رسمي ، في حين ان البعض الآخر ابدي استعداده لتحمل هذه المسؤولية وحده “الحزب التقدمي الاشتراكي اعلن جهارة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون ، هذا الترشيح اثار حفيظة بعض المكونات المسيحية التي لم تحسم امرها في شأن اسم المرشح الماروني لكرسي الرئاسة ، وهذا الامر قد يشكل إحراجاً لها ، مع الاشارة الى ان معراب كانت بانتظار زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دون ان يرشح اي معطى عن مضمونها ، لكن يبدو ان الزيارة لم يعد لها جدوى .
في المحصلة يبدو ان الساحة اللبنانية ما زالت بحاجة الى الرعاة الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية التي تتأرجح قراراتها في الايام الاخيرة لولاية الرئيس الاميركي جو بايدن ولم يعد الوقت متاحا لتحقيق تغييرات يمكن ان تطبع حكم الاخير بنجاحات لم يتمكن من تحقيقها خلال السنوات الاربع الماضية.
يعول البعض على زيارة مرتقبة لآموس هوكشتاين المبعوث الخاص للرئيس بايدن للشرق الاوسط الى لبنان ، رغم انه لم يتم الاعلان عنها رسميا، وان حصلت فلا يتوقع ان تكون مرتبطة بالرئاسة اللبنانية انما باتفاق وقف اطلاق النار ، والرسائل التي قد يحملها كعضو في اللجنة الخماسية للاتفاق المذكور والتي يرجح ان تكون تحذيرات لامكانية تصاعد وتيرة الاستهدافات الاسرائيلية وتوسعها، التي تبررها بتحركات لعناصر “حزب الله” وعمليات نقل اسلحة، لاسيما وانها استهدفت معسكر للجبهة الشعبية في قوسايا رغم الاعلان عن اخلائه وتفريغه من الاسلحة، الا ان الحجج الاسرائيلية يبدو انها ستظل قائمة والتي تبني عليها في استمرار تجريفها للقرى الحدودية . قد تكون رسالة هوكشتاين الاخيرة الى لبنان والرئيس بري تحديدا الراعي الاساسي للاتفاق … فهل تصمد الهدنة ام تسقط مع تصاعد وتيرة الاستهدافات الاسرائيلية؟!