لم تكن عملية الأبرار التي قام بها ٢٥ عنصرا من الكومندوز الاسرائيلي على شاطىء البترون الوحيدة التي ينفذها في لبنان عبر تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني، بعضها كتب له النجاح والبعض الاخر اخفق فيه.
اللافت في هذه العملية التي طالت القبطان البحري عماد فاضل أمهز العدد الذي حشد لهذه العملية. فقد سبق وان نفذت هذه الفرق الاسرائيلية انزالا في منطقةً ”مصياف” بالعمق السوري وقدر يومذاك عدد المشاركين بحوالي ٨٠ عنصر، رغم اهمية المنطقة عسكريا والحماية التي تتمتع بها. هذه المقارنة البسيطة تدلل على أهمية امهز بالنسبة للعدو.
بعيداً عن الروايات التي رافقت العملية والمتعارضة حول كيفية حصولها وتهمة التقصير الموجهة للسلطات الامنية اللبنانية، ووجود اشخاص لعبوا دورا في تسهيل العملية من الاراضي اللبنانية، لا بد من تشريح عمل الفرقة والاهداف والتخطيط لها لتأمين نجاحها.
الخبير في الشأن الأمني والاستراتيجي وصاحب خبرة في معظم الأعمال العسكرية بمختلف مسمياتها العقيد الركن خالد المطلق الذي خص موقع “صوت بيروت انترناشونال” بحديث لا يرتبط برؤية اي طرف انما وفق العلوم والخبرة العسكرية والامنية المكتسبة.
العقيد المطلق بدأ بداية بشرح أهمية الأهداف لهذه الفرق في معظم الجيوش مع اختلاف مهم يرتبط بالقدرات لكل جيش وتطورها، اي ان القرار بتنفيذ اي مهمة بحرية او جوية او عملية خلف خطوط العدو لا تنفذ الا لهدف مهم للغاية ، لذا لا بد من الاضاءة على كيفية الاعداد لها تبعا للتصنيفات للاهداف المختارة. وفق بنك المعلومات هناك اهداف سرية(مهمة) تعالج بشكل غير مرتبط بالتوقيت، اما الثاني فهو السري جدا ويتم التحضير له خلال فترة زمنية محدودة، لا تنطبق عليه الاهمية القصوى رغم اهمية الهدف، يمكن تنفيذه خلال ٤٨ساعة.اما الهدف الاهم فهو الذي يعتبر مهم للغايه ويتخذ القرار بشأنه فورا، لكنه يحتاج دراسة الهدف ونوعه، المكان الجغرافي، التأثيرات الجانبية، الاساليب المتبعة، ابتكار اسلوب جديد للدخول الى الهدف ، بمعنى آخر دراسة قدرات العدو والفرقة المنفذة لناحية قدراتها على النجاح، مع تطور وسائل التشويش والقدرة على جمع المعلومات الآنية التي قد يكون لها تأثير مباشر على العملية وان كان مدروسة.
أما بالنسبة للامور اللوجستية فهي تختلف حسب العملية ان كانت على الشاطىء ام في مناطق بالعمق، وهذا ما يتطلب السرعة في الانزال التي لا تتجاوز الدقيقتين.
بالعودة الى ما حصل في البترون شمال لبنان يؤكدالعقيد المطلق ان المراحل لهذه العملية تبدأ من خلال دراسة حركة الشاطىء، المد والجزر، التحصينات الخاصة بالهدف ، مع الاشارة الى ان العمليات البحرية تعتبر الاكثر خطورة ، نظرا لعدم ثبات حركة الامواج البحرية عند التشاطىء ولو انها دائما ما تحصل بزوراق سريعة ، مكتومة الصوت لايمكن رصدها لاسباب اخرى ترتبط برادارات لا يمكننا تصنيفها تحت الاسلحة ذات الدقة العالية ، وبالتالي لا يوجد وسائط دفاع جوي او مضادات ارضية تصنف بالاسلحة ذات الدقة العالية، لسببين الاول فني مرتبط بقدرة الكشف لمحطات الاستطلاع على ارتفاع صفر . اما الامر الثاني فهو وجود ثغرة ترتبط بوجود نقاط ضعف في التغطية المتبادلة بين المحطة والاخرى تعتبر نقاط ميتة لا يمكن من خلالها كشف الهدف . ومن خلال متابعة ما جرى في البترون، يبدو أن إسرائيل تحضرت لهذه العملية من خلال تحديد اماكن محطات السطع على الساحل ، ونقاط الضعف والدليل على سبيل المثال تمكنها من التسلل عبر محطات الاستطلاع وتوجيه الصواريخ في سوريا على الرغم من كثافة اعداد تلك المحطات.
وهذا ينطبق ايضا على طائرات ال “اف ٣٥” الشبحية التي لا يمكن التقاطها بموجات الرادارات.
اما بالنسبة للتعاون البشري على الارض التي يتواجد فيها الهدف ،يجزم العقيد المطلق على ان هذا العامل لا بد من تواجده قبل العملية كي يؤكد المعلومات المتوفرة في بنك المعلومات والتي يتم استثمارها في المتابعة الالكترونية للهدف وعند التنفيذ يصبح العميل خارج نطاق العملية.
أما بالنسبة للموجودات التي تترك في المكان المستهدف، فهي ضمن خطة التمويه المعتمدة من الفرقة المقتحمة لاهداف تضليلية، ولو انها تمتلك اي اهمية لما تركت في مكان المداهمة ، لان الخطة المرسومة تشمل استجلاب كل المحتويات داخل المكان المستهدف إلى مستوى التفاصيل الدقيقة.
ويختم المطلق كلامه ليؤكد ان عمليات بهذه الدقة والخطورة تدرس بشكل دقيق ، وتشمل احتمالات الحوادث العرضية التي يفترض معالجتها في لحظتها.
ختاما، يمكن أن نستخلص مما ورد ان العملية استهدفت شخص مهم جدا من حيث غزارة المعلومات التي يمتلكها ودوره في النشاط القتالي لحزب الله لهذا خُصص للعملية خمس وعشرون رجل من الكوماندوس وهذا امر لا يمكن أن يتكرر الا في عمليات مشابهة لأشخاص بهذه الاهمية فالعملية بحجمها تدل بشكل واضح على اهمية وحجم دور الهدف في نشاط حزب الله.