لقاء معراب
عندما عقد لقاء معراب الأول في 27 ابريل/نيسان من العام الجاري تحت عنوان المطالبة بتطبيق القرار 1701، يومها وجهت العديد من الانتقادات لهذا اللقاء، لأسباب ترتبط بعدم التنسيق المسبق حول مضمون اللقاء ومكان انعقاده، إضافة الى بعض الجوانب التي ترتبط بالمواقف العامة من الأحداث، هذه الأمور مجتمعة، دفعت ببعض القوى والشخصيات الى الاعتذار، الا أن اللقاء اعتبره البعض خطوة متقدمة حركت المياه الراكدة في الساخة السياسية الداخلية.
مرّت أشهر على هذا اللقاء ولم يحصل أيّ تغيير على الصعيد السياسي ما خلا إصرار كل فريق على موقفه لناحية الانتخابات الرئاسية في ما يرتبط باسم المرشح مع تمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري بالحوار قبل دعوة المجلس لانتخاب الرئيس. غير أن المتغيرات الميدانية على صعيد الجبهة الجنوبية حيث توسعت “إسرائيل” باستهدافاتها لتطال الضاحية الجنوبية والبقاع وبيروت، واغتيال قيادات رئيسية في “حزب الله” الى أن تخطت المحظور مطيحة بجميع الخطوط الحمراء مع اغتيال أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله.
هذه الاغتيالات أرخت بظلالها على هذا المحور، مع ازدياد حجم التدمير الممنهج في المناطق الجنوبية والضاحية الجانوبية على وجه الخصوص، حيث تمكن جيش الكيان من تدمير جزء كبير من الضاحية خلال 10 أيام متسبباً بنزوح الآلاف.
من خلال ما تقدم، يبدو أن الأمور متجهة الى الأسوأ لناحية إصرار رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو على التوغل في الجبهة الجنوبية، في وقت يعيش فيها الشعب اللبناني بأكمله تحت وطأة الخوف من توسع دائرة الاستهدافات الإسرائيلية، في وقت يدفع المجتمع الدولي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، تلاقت مع هذه الإرادة خطاب داخلي يقوده رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الرئيس بري، لناحية انتخاب الرئيس فور وقف إطلاق النار، واستتبع بلقاء ثلاثي جمع ميقاتي وبري والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، استكمل من خلال جولة قام بها النائب وائل بو فاعور على الاطراف المسيحية تحديداً وعلى بكركي.
من خلال المبادرة التي صدرت عن الثلاثي، هناك عدة نقاط تتلاقى مع طرح المعارضة لناحية إنهاء الحرب ونشر الجيش في الجنوب وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 بجميع مندرجاته، لكن السؤال الذي يُطرح: هل سيذهب لقاء معراب الى التشديد على تطبيق جميع مندرجات الاتفاق لاسيما فيما يرتبط بالقرار 1559 الذي بقي حبراً على ورق القرار الدولي المذكور الذي انتجته حرب تموز 2006؟ وهل لما تعرض له “حزب الله” من ضربات متلاحقة في الأسابيع الماضية قد يسهم في تليين موقف الحزب؟ فيما إذا كان للقاء معراب سقفاً مرتفعاً لناحية المواقف، وتوسع حلقة المشاركين من مختلف الطوائف والمذاهب.
مصادر مقربة من المشاركين في اللقاء، ترى أن التطورات أملت انعقاد هذا اللقاء، وبالتالي فان العمل على دعوة العديد من الأطراف يجري على قدم وساق، وأن اللقاء الجديد لا يمكن اعتباره استكمالا للقاء الذي حصل منذ أشهر واعطى للبعض انطباعا سيئا، دون الأخذ بالاعتبار أهمية الموقف الذي صدر عقب اللقاء يومذاك وصدم المحور، ما جعلهم يستعملون جميع الاسلحة للتصويب عليه.
بالنسبة للقاء الغد وفق المصدر، ليس بالضرورة أن يط، لق عليه “لقاء معراب 2″، لانه تقرر بناء على التطورات الحاصلة، وقد اتخذ قرار عقده على عجل لمواكبة ما يجري ولذا فان الدعوات للأطراف للمشاركة تقررت خلال الأسبوع الجاري، لافتاً الى أن الحضور سيكون على مستوى أرفع من اللقاء السابق لناحية مختلف المكونات، كما أن الموقف الذي قد يخرج من اللقاء سيكون على مستوى التطورات. وسيكون موجها بداية للمجتمع الدولي الذي له الكلمة الأساسية على مجريات الأحداث ولناحية توجيه مسار الأمور، وبالطبع سيخاطب المجتمع العربي الذي ينتمي اليه لبنان، وبالطبع الداخل اللبناني بمختلف أطيافه حتى من هم في الجهة المقابلة للفئة السيادية، لأن هناك فرصة من الضروري أن يتم استغلالها من السياديين لتأكيد حضورهم وإظهار جهوزيتهم لمواكبة التطورات، لان ما يحصل على اليوم غير مقبول ولا يجب ان يتكرر.
والمطلوب تطبيق القرارات الدولية بدءاً باتفاق الطائف، الذي أكد على حل جميع الميليشيات وتسليم أسلحتها للدولة. وبالتالي على الدولة أن تحزم أمرها بعيداً عن “التشفي”، لان هناك واقع جديد كان متوقعاً وينبغي ملاقاته ومواكبته بالموقف المطلوب لناحية التأكيد على سيادة الدولة وحصرية السلاح، وعلى انتخاب رئيس يتولى قيادة حوار على الصعيد اللبناني والتفاوض على الصعيد الإقليمي والدولي.