الأحد 19 رجب 1446 ﻫ - 19 يناير 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ما مصير معاهدة الأخوة والتعاون التي فرضها النظام السوري المخلوع على لبنان؟

منذ دخول جيش النظام السوري إلى لبنان ضمن ما اطلق عليه “قوات الردع العربية” التي أنشأتها جامعة الدول العربية في القمة المنعقدة في الرياض عام 1976 ، كقوة دولية لحفظ السلام خلال الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما.

مع توقيع “اتفاق الطائف” الذي رعته المملكة العربية السعودية عام 1989، خرجت القوات العربية في حين بقيت القوات السورية ولم تطلب الحكومة اللبنانية الرحيل تطبيقا لبند من بنود اتفاق الطائف الذي نص ان على السوريين الانسحاب في غضون عامين ، لكن القوات السورية بقيت في لبنان ، حتى العام 2005 اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وخروج اللبنانيين بتظاهرة مليونية طالبوا فيها خروج جيش النظام .

خرج جيش النظام لكنه بقي ممسكا بالعديد من مفاصل الدولة من خلال عملائه ، ولا بد من الاشارة الى الموقف الشهير للبطريرك الماروني الراحل مار نصر الله بطرس صفير ، الذي قال “ليس لسوريا حلفاء في لبنان بل عملاء”.

اليوم سقط نظام الاسد ومعه ما تبقى من رموزه ، كون معظم الذين كان لهم ادوار فاعلة من سوريين ولبنانيين تمت تصفيتهم في الداخل السوري من رستم غزالي الى جامع جامع وغازي كنعان وغيرهم لا يمكن تعدادهم.

تنفس السوريون واللبنانيين الصعود ، وبات الجميع بانتظار التغييرات الدستورية ونظام الحكم في سوريا لمعالجة العديد من الملفات بين البلدين وعلى رأسها اتفاق الاذعان الذي فرضه النظام تحت مسمى “معادة الاخوة والتعاون ” التي انتجت المجلس الاعلى السوري – اللبناني .

أسئلة عديدة تطرح حول مصير المعاهدة والاتفاقات التي كانت قائمة بين البلدين، وفي هذا الاطار أكد الخبير القانون بولس مرقص في حديث ل”صوت بيروت إنترناشونال ” انه تم توقيع معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق بين دولتي لبنان وسوريا بتاريخ 22 أيار 1991، ومن أجل تحقيق أهدافها، تم إنشاء “عدة أجهزة مشتركة لتقوم بالسهر على حسن تنفيذ بنودها ولمتابعة تنفيذ ما ينبثق عنها من اتفاقات،” وكان من أبرزها المجلس الأعلى اللبناني-السوري..

مع سقوط نظام الرئيس الأسد، عاد الكثيرون إلى المطالبة بإلغاء المعاهدات الموقّعة بين لبنان وسوريا، إضافةً إلى الدعوة لإلغاء المجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي تم إنشاؤه بموجب هذه المعاهدة عام 1991. فهل يمكن قانونيًا الانسحاب من الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وإلغاء هذا المجلس؟

من الناحية القانونية وفق مرقص، تحكم العلاقات بين الدول مبادئ القانون الدولي، وخاصةً فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية. وفقًا لمبدأ استمرارية الدولة، فإن التغييرات التي تطرأ على الحكومة أو النظام السياسي لا تؤثر على الالتزامات الدولية للدولة. وبالتالي، تظل الاتفاقيات الموقّعة بين لبنان وسوريا قبل سقوط النظام نافذة وسارية المفعول، ما لم يتم الاتفاق الاتفاق على عكسه بين الطرفين.

يضيف مرقص ان الخيار المتاح أمام لبنان وسوريا، بعد سقوط النظام، هو التفاوض لإعادة النظر في بعض الاتفاقيات أو استبدالها بأخرى جديدة. تجدر الإشارة إلى أن أي تعديل أو إلغاء لهذه الاتفاقيات يتطلب موافقة متبادلة من الطرفين، ويُفضّل أن يتم ذلك عبر القنوات الدبلوماسية لتجنب اي توترات مستجدة.

يلفت مرقص الى انه في تشرين الثاني 2020، وعند سؤال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني-السوري، نصري خوري، عن إمكانية إلغاء المجلس، أجاب بأن “لا يمكن إلغاء المجلس أبداً من جانب واحد، كونه غير مشكّل بقرار لبناني، إنما بموجب معاهدة دولية مقرة ومبرمة رسمياً ومسجلة في الأمم المتحدة. الإلغاء يحتاج الى رغبة مزدوجة في الإلغاء

من ناحية أخرى، وباعتبار أن هذا المجلس كان بمثابة باكورة سلسلة معاهدات ثنائية بين البلدين، فإن إلغاءه سيؤدي تباعا إلى إلغاء العديد من الاتفاقيات المتصلة به.

يتابع مرقص قائلا “حبذ لو كان بالإمكان لدولة واحدة الرجوع عن المعاهدات المبرمة بين لبنان وسوريا، إلا أن الشروط الواردة في بعض مواد اتفاقية فيينا تحدّ من هذه الإمكانية.

استنادًا إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، هناك شروط محددة يجب استيفاؤها لتتمكن الدولة من الانسحاب بشكل أحادي من اتفاقية ثنائية.

وتوضح هذه الشروط المادتين 54 و56 من الاتفاقية، التي أصبحت سوريا طرفًا فيها منذ عام 1970.تشترط المادة 54 المتعلقة بانقضاء المعاهدة أو الانسحاب منها بموجب نصوصها أو برضا أطرافها ضرورة إتباع نصوص المعاهدة أو توفر رضا جميع أطرافها بعد التشاور مع الدول المتعاقدة الأخرى. أما المادة 56، المختصة بالمعاهدات التي لا تتضمن نصوصًا تنظم الانقضاء أو النقض أو الانسحاب، فتنص على عدم إمكانية النقض أو الانسحاب إلا إذا: “(أ) ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت نحو إقرار إمكانية النقض أو الإنسحاب” أو “(ب) إذا كان حق النقض أو الإنسحاب مفهوماً ضمناً من طبيعة المعاهدة.

لكن في الحالة الراهنة، لا يبدو أن هذه الشروط قد تم استيفاؤها بما يسمح للبنان بالانسحاب بشكل أحادي من المعاهدات المبرمة مع سوريا.