توماس باراك
أضيفت إلى مهمات الموفد الأميركي إلى سوريا توماس باراك، في لبنان مسألة جديدة لم تكن مدرجة على جدول أعماله لدى إبلاغه لبنان أنه سيزوره قبل عيد الأضحى المبارك ولم تتم الزيارة. هذه المهمة هي نقل رسالة أميركية مفادها أن على لبنان التزام عدم التدخل في الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران وضرورة نأي لبنان بنفسه عنها.
هذا الموقف الأميركي كان تبلغه لبنان عبر أكثر من دولة غربية، عند اندلاع الحرب قبل أسبوع تمامًا. كما تبلغ أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي في حال جرى استهدافها من الأراضي اللبنانية، وسيتعرض لبنان عندها لردة فعل عسكرية قاسية. الرسالة كانت واضحة، وسيتم تكرارها من جانب السفير باراك لأن العين الأميركية هي على أذرع إيران في المنطقة، لأن نزع أسلحتهم لم يحصل بعد بالشكل الكامل، لاسيما في لبنان.
لذلك سيطلع براك من المسؤولين اللبنانيين على آخر التطورات في عملية نزع سلاح “حزب الله”، و سيحض لبنان على استكمال الجيش هذه المهمة لأن لا عودة فيها إلى الوراء. هذا الملف ليس من مهمة براك الأساسية، لكن بعد ابتعاد مورغان أورتاغوس عنه، وهي لا تزال في فريق ستيڤ ويتكوڤ المبعوث الرئاسي الأميركي الى الشرق الأوسط، يتابع باراك هذه المسألة مباشرة ريثما يصل السفير الأميركي الجديد في بيروت ميشال عيسى لتسلم منصبه.
وهناك مسائل أخرى يتابعها باراك انطلاقاً من مهمته كموفد إلى سوريا، وهي تلك التي لها علاقة بين لبنان وسوريا، في مقدمها ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بما في ذلك موضوع مزارع شبعا ومصيره. كما هناك ملف أخر هو النازحين السوريين في لبنان وعودتهم إلى ديارهم بعدما بات عددهم يناهز المليونين ونصف المليون حسب إحصاءات رسمية لبنانية. وكانت الدولة اللبنانية تكبدت كلفة النزوح إلى أن وصلت سنوياً حتى ما قبل الانهيار الاقتصادي إلى ٣ مليارات دولار.
وهناك دعم أميركي لعودة النازحين في ظل الدعم الأميركي للحكم السوري الجديد ودعم نهوض سوريا اقتصادياً واستثمارياً.
ووفقًا لمصادر ديبلوماسية غربية، فإن مهمة باراك كسفير في تركيا، وكموفد إلى سوريا ومن ضمن ذلك الجانب اللبناني المتصل بسوريا، مهمة تبدو استراتيجية وشمولية في آنٍ معاً. اذ باتت واشنطن تنظر إلى دول المنطقة برؤية موحدة قوامها ضرورة أن تجد الدول والشعوب طريقها في بناء دولها، وأن معادلة الأمن والاستقرار والاستثمار أساسية في المفهوم الأميركي في التعامل مع هذه الدول، على أن تقوم الدول الإقليمية كالمملكة العربية السعودية وتركيا، أدوارًا في استقرار دول هذه المنطقة ومعالجة ملفاتها. وبالنسبة إلى علاقات هذه الدول مع اسرائيل يجب أن تحل اتفاقات عدم العداء واستقرار الحدود بديلاً عن الاعمال العسكرية، وأن يحل التبادل التجاري والثقافي بديلاً عن المقاطعة. وبهذه الروحية سيعمل باراك في المنطقة.
هذه الزيارة لباراك إلى بيروت لن تكون الأخيرة، إنما سيكرر زياراته في إطار التواصل مع لبنان لحل الملفات المتعلقة بعلاقات لبنان وسوريا، وزيارة وفد سوري إلى لبنان في وقت قريب وبرئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني ستكرس السعي الى الحلول بين الطرفين برعاية أميركية مباشرة.
ولا يبدو أن الإدارة الأميركية ستعين خلفا لأورتاغوس، لا بل إنها تسرع في الإجراءات لكي يتسلم السفير لدى لبنان مهمته في أسرع وقت ممكن. وبالتعاون بين الإدارة ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى الجديد جويل رايبورن ستتبلور نقاطاً عديدة في تفاصيل التعامل مع الملف اللبناني، لكن كل شيء يبقى تحت عنوان عريض وهو نزع السلاح غير الشرعي أساسًا المحرك الأساسي لتعزيز الدعم الدولي والأميركي.