شكلت زيارة علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي إلى لبنان الأسبوع الفائت، منعطفا خطيرا لناحية طبيعة ومسؤولية الأخير.
أجمعت العديد من الأوساط أن الهدف من الزيارة وضع الأسلاك الشائكة، أمام أي مسعى لوقف إطلاق النار الذي جاء باقتراح أميركي تقدمت به السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري المفاوض عن “حزب الله”.
زيارة لاريجاني وضعت في إطار العمل السياسي، إلا أن الزيارة التي أثارت العديد من علامات الاستفهام ، تلك التي قام بها وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده إلى العاصمة السورية – دمشق على رأس وفد امني رفيع، اعرب خلالها عن استعداد بلاده لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا بناء على توصيات “قائد الثورة الإسلامية“.
كان لافتا ايضا ان زيارة زادة لم تشمل لبنان، ما اعطى انطباعات ومؤشرات، الى ان طهران تريد فصل الملف السوري عن ما يدور من مفاوضات في الشأن اللبناني حول وقف اطلاق النار، وهي التي تمتلك القرار الكامل فيه.
وفق معطيات من الداخل السوري، فإن زيارة وزير الدفاع الإيراني ترتبط بشكل اساس بمحاولات الرئيس السوري بشار الأسد النأي بنفسه عن الأخذات في لبنان وفي مناطق النفوذ الإيراني في سوريا، وظهر جليا من خلال مواقفه غير المتضامنة مع الاستهدافات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لقيادات “حزب الله” و “الحرس الثوري” وفرض بعض القيود على تحركات هؤلاء على الاراضي السورية، لا بل ان الامور ذهبت الى ابعاد اكثر خطورة لناحية زيادة الشكوك حول تعاونه مع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، منذ فضيحة اغتيال القيادي الكبير في الحرس الثوري محسن علي زاهدي في مبنى القنصلية الإيرانية، وهو ما دفع البعض الى القاء مسؤولية مقتل لونا الشبل اليد اليمنى لبشار وتوقيف العديد من الضباط، على الجانب الإيراني الذي لا يمكنه التخلص من بشار، فعلّة وجودهم يرتبط ببقاء الأخير على كرسي الرئاسة.
الا ان الايراني وفق المصدر يملك ورقة تتيح له الضغط على نظام الاسد، المتمثلة بشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة المؤيد الوفي للمحور الايراني لما تربطه بهم علاقات مالية ومصانع المخدرات والتهريب، وهو الذي نجا من محاولات استهداف اسرائيلية للمقر الذي يتواجد فيه.
لم تكن زيارة زادة مقتصرة على بشار فهو التقى ماهر قبل زيارة القصر الرئاسي، ووفق بعض المعلومات ان الهدف الاساسي الضغط على بشار لعدم الابتعاد عن المحور، وان طهران ستزيد من الدعم العسكري لسوريا من خلال المعبر الحيوي الوحيد لها عند الحدود العراقية – السورية الذي ما زال يملك القدرة على تمرير شحنات الاسلحة وان تعرض بعضها للاستهداف، لان الخسائر التي تعرضت لها ميليشياتها لاسيما في الداخل السوري وعند الحدود اللبنانية السورية في القصير وعلى طول حدود سيطرة ميليشياتها، فضلا عن الضربات التي نفذتها اسرائيل على المعابر الشرعية وغير الشرعية وضرب الجسور التي تسمح بتمرير شحنات الاسلحة الى لبنان.
تدرك طهران ان هامش التحرك على الاراضي اللبنانية ضاق جدا، وان الاسد يحاول شراء الوقت، لكنه يدرك ان نظامه آيل للسقوط عاجلا ام آجلا وعلى يد أكثر من طرف فهو يخضع لضغط اسرائيلي لزيادة التعاون والطلب من ايران اخراج قواتها، في وقت يضغط الجانب الايراني عليه بشكل، كما ان التعهدات التي قطعها للدول العربية والخليجية ما زالت في طور المماطلة، ولذا يبقى السؤال المطروح من سيطيح بنظام بشار .. الأيام القادمة الحبلى بالأحداث الدراماتيكية لاسيما في لبنان قد تحسم مصير النظام.