الثلاثاء 13 محرم 1447 ﻫ - 8 يوليو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

من واشنطن لتل أبيب.. المكالمة الهاتفية التي غيَّرت قواعد اللعبة ومصير ولاية الفقيه

لقد كان شبح توجيه ضربة عسكرية لإيران يخيّم على الأفق، تتردد أصداؤه في نشرات الأخبار والتحليلات السياسية لسنوات. غالبًا ما قيل إن “الضربة باتت وشيكة” وإن ساعة الصفر قريبة، لكن هذه التوقعات غالبًا ما تتبدد، وتتأجل المواجهة التي تبدو حتمية مرارًا وتكرارًا. بينما واشنطن تغوص في غمار المفاوضات، مستخدمة الدبلوماسية كجسر محتمل لتجاوز الأزمة، كانت إسرائيل من جانبها تستعد وتتحرك بنشاط، ساعية بكل قوتها لعرقلة أي تقدم دبلوماسي قد لا يصب في مصلحتها. هذا السيناريو ليس جديدًا؛ ففي أوقات سابقة، كنا بالفعل على وشك الضربة، لكن تمديد جولات المفاوضات كان دائمًا ما يتدخل ليعيد الأوراق إلى طاولة الحوار. ومع ذلك، فإن هذه الديناميكية أخذت أبعادًا جديدة ومثيرة للقلق مع ظهور تطورات محورية.

يشكل إطلاق الصاروخ الحوثي الأخير، الذي تميز بقدرته على الانشطار حول العديد من المستوطنات، تطورًا نوعيًا وبارزًا. هذا الصاروخ، بتقنيته المتقدمة، عكس تصاعدًا في القدرات العسكرية لدى أطراف إقليمية، وأضاف بعدًا جديدًا لميزان القوى والتهديدات المحتملة في المنطقة. بالتزامن مع ذلك، جاء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليزيد من تعقيد المشهد. هذا التقرير، الذي غالبًا ما يُعد مؤشرًا حاسمًا، حمل دلالات مهمة. وعندما قامت 19 دولة بالتصويت لصالحه، فإن هذا لم يكن مجرد إجراء روتيني. بل نُظر إلى هذا التصويت كسابقة تاريخية وكدفعة قوية نحو احتمالية توجيه ضربة لطهران. فمثل هذه الموافقة الدولية، لا سيما في سياق تقارير الوكالة، غالبًا ما مهدت الطريق لإجراءات أكثر حزمًا، سواء كانت دبلوماسية مشددة أو حتى خيارات أخرى.

وفي خضم هذه التطورات، جاءت مكالمة هاتفية حاسمة بين نتنياهو وترامب استغرقت 40 دقيقة. هذه المكالمة، بحسب التسريبات والتحليلات، حسمت خيار الضربة العسكرية لإيران، مما يشير إلى توافق على مسار تصعيدي. وقد أكدت التصريحات الأخيرة لترامب أن ضرب إسرائيل لإيران “محتمل للغاية”، محذرًا في الوقت نفسه من “صراع واسع النطاق” قد ينشب في المنطقة. وبينما شدد على رغبته في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، فإنه أشار إلى أن الضربة قد تحدث إذا لم تقدم طهران تنازلات كافية، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تشارك بشكل مباشر في أي ضربة إسرائيلية، مع دراسة خيارات الدعم اللوجستي والاستخباراتي.

كل هذا كان يجري وسط تحذيرات شديدة من خطورة الضربة، وتهويل من حجم الرد الإيراني المتوقع، ولكن ما تم تسريبه لاحقًا يكشف عن صورة مختلفة تمامًا. فقد تمكنت إسرائيل، ووفقًا لهذه التسريبات، من القضاء على المنشآت الرئيسية وأهم القيادات الإيرانية من الصف الأول في غضون عشر دقائق فقط. وقد شملت أبرز الأهداف التي تم تحقيقها في هذه الضربة تدمير مواقع تخصيب اليورانيوم الرئيسية، ومراكز القيادة والتحكم التابعة للحرس الثوري، بالإضافة إلى القضاء على شخصيات عسكرية واستخباراتية رفيعة المستوى كانت تشكل العمود الفقري للبرنامج النووي والصاروخي الإيراني. إن تضافر هذه العوامل وضع المشهد الإقليمي على مفترق طرق، حيث تزايدت التحديات، ووقعت الضربة المنتظرة بكفاءة مفاجئة، مما يفتح الباب أمام تداعيات عميقة في المنطقة قد تغير ميزان القوى بشكل جذري.