عندما أطلق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لاءاته من الديمان عام 2021، التي حملت رسائل سياسية تجاه حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون، ناشد فيها الجماهير المحتشدة بقوله “لا تسكتوا عن تعدد الولاءات، عن الفساد وسلب أموالكم، لا تسكتوا عن الحدود السائبة، عن فشل الطبقة السياسية وعن الخيارات الفاضحة والانحياز، لا تسكتوا عن فوضى التحقيق في تفجير المرفأ وعن تسييس القضاء، لا تسكتوا عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني ….”.
شكل موقف البطريرك صدمة على الساحة اللبنانية، فيما يرتبط بإشارته غير المباشرة إلى “حزب الله” وسلاحه، بدأت على إثرها معركة المواجهة مع المرجعية العليا للموارنة بوضعه في خانة “العمالة”، أفرج الراعي عن الثوابت التي تمثل موقف عدد كبير من الشعب اللبناني ، واعتبرت لاءاته بمثابة خارطة طريق لتحرير لبنان.
سنوات ثلاث مرت على هذا النداء، وفرغت كرسي الرئاسة الأولى في بعبدا بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، الذي تشارك الحكم مع حلفيه “حزب الله” بمشاركة “حركة أمل” التي يرأسها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ، القابض على مفاتيح الحلول والمخارج للعثرات التي تعترض مسار المحور.
اليوم بقي الرئيس بري الثابت الوحيد في هذا المحور، بعد التغييرات الدراماتيكية التي خلطت أوراق اللعبة السياسية التي كانت سائدة على مدى سنوات مع سيطرة النظام السوري السابق في الحياة السياسية اللبنانية وحتى بعد خروجه عام 2005 ، بقيت التسويات تطغى على الشخصية التي ستملأ فراغ الكرسي بفراغ آخر ، نتيجة المواصفات الثابتة لأي قادم إلى بعبدا المتمثلة بإكمال مسيرة سلفه.
لا شكَّ أن “طوفان الأقصى” الذي بدأ في أواخر العام الفائت، جرف الأعمدة التي بنيت عليها القبضة الحديدة لنظام ولاية الفقيه الذي بسط سيطرته على المنطقة وثبت دعائمه في سوريا، قطع أوضال هذا المحور ولم تعد الثوابت التي حلم بها الشعب السوري واللبناني الحر مجرد أحلام، بل أصبحت واقعا يقترب من التحقق بدعم عربي خليجي ودولي ، وسيكون لبنان على موعد مع انتخابات رئاسية لا تشبه سابقاتها ، وهذا ما يفرض على المحور السيادي تلقف الفرص ومواكبة التغييرات.. لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة الجمهورية لان زمن التسويات والرئيس التوافقي قد ولى..