كان لافتا اعلان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو اقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، واستبداله بوزير الخارجية يسرائيل كاتس الشخصية الاكثر تطرفا والداعي لضرب ايران وكل ميليشياتها، في حين اسند وزارة الخارجية الى جدعون ساعر، وهو توأم السابق في الفكر المتطرف، المرشح السابق لوزارة الدفاع يوم لوح باسمه ردا على تمرد غالانت، الذي خفض من منسوب معارضته وانصاع لقرارات رئيسه رغم انه يعتبر وديعة بايدن وادارته، والرسول الصادق لهم.
غالانت تمكن في مرات عديدة من تمرير رؤية وقرار ادارة بايدن، عندما كان رئيس حكومته يعيش حالة ضغط داخلي، ان على صعيد صفقة الاسرى او لناحية توسيع المعركة باتجاه شمال فلسطين.
ظهر غالانت في الايام الاخيرة في موقف الشخص الذي يملى عليه التعليمات، عندما طلب منه نتنياهو تأجيل زيارته الى الولايات المتحدة، وبالفعل انصاع لهذا القرار الذي تزامن مع عدة احداث اعتبرت بالنسبة لحكومة الحزب الاسرائيلية انجازات، ارتبط معظمها باغتيال قيادات فلسطينية حمساوية وصولا الى قيادات الصف الاول في “ حزب الله” وعلى رأسهم امين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين.
فاجأت اقالة غالانت العديد من المراقبين ظنا منهم ان الاخير بات مطواعا لارادة نتنياهو، الا ان الاعلان عن هذه الاقالة مع بدء فتح صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية الاميركية، اعتبرت تحضيرا للتغيرات التي قد تشهدها الادارة الاميركية، مع ارتفاع حظوظ راية الجمهوريين الحمراء على الراية الزرقاء للديمقراطيين مع بداية النهار الانتخابي الرئاسي، فكيف اذا كان حاملها الرئيس الاسبق دونالد ترامب، الذي بدأ بحملة التصفيات في نظام ولاية الفقيه والتي طالت رأس المشروع الامني والجيوسياسي قاسم سليماني.
بعد فوز ترامب الساحق ان على صعيد حصوله على 277 صوتا من المجمع الانتخابي، اما لناحية اكتساح حزبه للكونغرس شبه المحسوم ومجلس الشيوخ معا، فهو سيشكل عاملا رئيسيا على القرارات التي سيتخذها ، دون مواجهة من الديمقراطيين.
بانتظار معرفة اركان ادارة ترامب مع تسلمه رسميا مقاليد السلطة في شهر يناير/ كانون الثاني من العام القادم، سيستمر نتنياهو بالتصعيد على الجبهة الشمالية لفلسطين عند الحدود الجنوبية اللبنانية، لناحية سياسة الارض المحروقة، مع استمرار الاغتيالات وتوسيع نطاق الاستهدافات التي يقوم بها سلاح الجو الاسرائيلي في العمق اللبناني، مستثمرا غياب الادارة الديمقراطية عن المشهد السياسي، لعدم فائدة اي تحرك بعد عودة ترامب الى الرئاسة، وقد يكون من مصلحتها بعثرت للاوراق، وترك الامور تحتدم عسكريا، عندها سيتعين على ترامب تلقف كرة النار التي اشعلها نتنياهو وحكومة الحرب التي باتت فعليا تحمل اسمها.
الايام القادمة قد تحمل تطورات دراماتيكية للبنان لناحية توسع الضربات وقد تصل الامور الى حصار بري بدأت اسرائيل بتنفيذه من خلال اقفال معظم المعابر مع سوريا، وقد يكون الحصار البحري رهينة ما يمكن ان يفرج عنه الجيش الاسرائيلي، المرتبط بالقلطان البحري عماد امهز وفق ما اوحىبه الكيان حيث تم تحميله مسؤولية نقل اسلحة دقيقة من خلال عمله.
مطار رفيق الحريري الدولي مازال يحظى باهتمام خاص من الدول الصديقة لاسيما الدول العربية التي تنقل المساعدات للنازحين تقدمهم المملكة العربية السعودية، وهذا الامر لا يمكن لاسرائيل مواجهته، ولا بد من ترك الاجواء مفتوحة امام الموفدين، كما لم يعد هناك حجة للاسرائيلي لناحية هبوط الطائرات الايرانية والعراقية وامكانية نقل اسلحة لـ “حزب الله” عبرها.
لاشك وفق بعض المحللين ان لا شيء سيكبح نتنياهو باستكمال مخططه اعادة لبنان الى العصر الحجري وحلمه الذي رفعه بخريطة وجهها للعالم… فهل لبنان على موعد مع دمار قد يطال مناطق خارج سيطرة “حزب الله”؟!!.