عاش لبنان الكثير من الاحتلالات على أرضه، وفرضت الكثير من المنظمات المسلحة هيمنتها على لبنان بقوة السلاح والأمر الواقع، وادت هذه الاحتلالات إلى تحلّل الدولة وإضعاف مؤسساتها، وأتت الميليشيات تحت شعارات مختلفة لتعمّق وتزيد من جراح الدولة الضعيفة والمترهلة، وبنت على ضفافها دويلات عاصية عن القانون، وتحكمت بمصير لبنان واللبنانيين، وأدخلتهم في سياسة المحاور الإقليمية العبثية، فكانت النتيجة ما وصلنا إليه اليوم من حروب الغير على أرضنا.
أما اليوم، وبعدما انطفأت نيران المعارك، وخفت صوت المدافع، وانكفأت الطائرات الحربية عن سماء لبنان، لا بد للدولة أن تعيد بسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية منعاً لاستغلال الميليشيات لأرضها مجدداً، خصوصاً أننا أمام فرصة تاريخية لتحقيق لبنان الدولة السيادية المستقلة.
مصادر دبلوماسية تعتبر أن الاتفاق الذي وقع عليه لبنان هو فرصة للدولة، وانكفاء لكافة من يعتبر نفسه بأنه تحت قوة السلاح وبدعم إيراني، قادر على جعل لبنان ساحة صراعات لمصالح طهران، وهذا الاتفاق وضع حداً لمطامع إسرائيل وإيران على حد سواء، بالتالي هناك لحظات تاريخية لا تتكرر، على المعنيين الاستفادة منها، وإقفال الباب أمام كل من حول لبنان إلى حديقة خلفية لإيران، وعدم السماح له مجدداً العبث بأمن لبنان.
وتؤكد المصادر عبر موقع “صوت بيروت إنترناشونال”، على أن من يعتقد بأنه قادر الالتفاف على البنود وتطبيق ما يحلو له وبغض النظر عن بنود أخرى، فهو مخطئ تماماً، فالبرغم من توقف الحرب، فإن السيف الدولي لا يزال مسلط على رأس كل من ستخول له نفسه لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهذه المرة لن يسلم لبنان، لأنه نال الفرصة الأخيرة عبر هذا الاتفاق، إما ان يثبت نفسه على انه دولة قادرة على إدارة شؤونها، وإما فليتحمل الجميع مسؤولية خرق الاتفاق وإدخال لبنان في حرب مدمرة على نطاق واسع هذه المرة.
تشدد المصادر أن الصرامة الدولية حاضرة للجم أي خرف أو شواذ عن الاتفاق، ومن سيخرق الاتفاق سيتحمل المسؤولية، فسياسة تدوير الزوايا والتذاكي على المجتمع الدولي لم تعد تنفع، فإما يعود لبنان إلى عافيته، أو يكون قد فوّت الفرصة الأخيرة، ويكون قد دخل في فوهة بركان ستلتهم يحممها ما تبقى منه.