عنصر من حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت
في ظل الضغوط المتزايدة وتشديد الخناق المالي على حزب الله، وبعد انسداد مختلف القنوات التقليدية لتدفق الأموال إليه عبر الحدود والمرافق العامة الخاضعة للرقابة، ابتكر الحزب أساليب جديدة ومعقدة لجمع الأموال وتعبئة خزائنه، هذه المرة، لا تعتمد الآلية على استخدام المطارات أو المعابر غير الشرعية التي باتت تحت أعين الرقابة، بل تستفيد من موارد داخلية بالتعاون مع ممولين خارجيين، ولكن دون الحاجة إلى إدخال الأموال فعليًا إلى الأراضي اللبنانية.
يكشف موقع “صوت بيروت انترناشونال” حصريًا عن تفاصيل هذا الأسلوب التمويلي الجديد، بناءً على شهادات مصادر عُرضت عليها هذه الآلية أو طُلب منها الاستفادة من أموال الحزب، ووفقًا لهذه المصادر، لجأ المسؤولون عن القطاع المالي في حزب الله إلى الاستفادة القصوى من الأموال النقدية “الكاش” المتوفرة لدى أبناء البيئة الحاضنة للحزب، من تجار وشخصيات ذات قدرة مالية كبيرة.
تتمثل الخطوة الأولى في تواصل مسؤولين من الحزب مع هؤلاء الممولين المحتملين، وطلب الاجتماع بهم في أماكن عامة كالمولات، وذلك لتجنب إثارة الشبهات أو تعريضهم لمراقبة هواتفهم واتصالاتهم، وخلال هذه اللقاءات السرية، يتم عرض فكرة “التمويل البديل” على صاحب المال، يكون الخيار إما القبول أو الرفض.
بعضهم يوافق، إما لوجود فائدة مالية معينة يحصلون عليها من هذه العملية، أو تحت ضغوط معينة، بينما يفضل آخرون عدم الدخول في مثل هذه الصفقات خشية التعرض لعقوبات دولية قد تضر بمصالحهم داخل وخارج لبنان.
تتضمن الآلية المعقدة التي يتبعها الجهاز المالي لحزب الله البحث عن أفراد من الطائفة الشيعية يرغبون في شراء عقارات خارج لبنان أو القيام باستثمارات في دول أخرى. هنا يتدخل الحزب عبر ممولين تابعين له في الخارج لتأمين الأموال اللازمة لإتمام الصفقة.
في المقابل، يقوم الحزب باستلام المبلغ النقدي من التاجر أو الشخص الشيعي داخل لبنان. ثم يتصل بممولين محسوبين عليه خارج لبنان، ويطلب منهم تسليم المبلغ المطلوب مباشرة، إلى الجهة التي يتعامل معها التاجر أو المستثمر في الخارج، أي إلى البائع أو الشركة المستثمر بها، زائد أرباح معينة يتم تحديد قيمتها وفقاً لما يتفق عليه الطرفين.
بهذه الطريقة، يكون التاجر أو المستثمر قد أتم صفقة شراء العقار أو الاستثمار الخارجي عبر أموال تم رصدها من قبل حزب الله خارج لبنان مع أرباح أضافها إلى رصيده، وهي أموال يواجه الحزب صعوبة في إدخالها إلى لبنان نتيجة للرقابة اللصيقة على المنافذ والمعابر، بالإضافة إلى التدقيق الدولي المتزايد على التحويلات المصرفية خارج لبنان. وفي الوقت نفسه، يكون حزب الله قد حصل على أموال نقدية من داخل لبنان دون أي رقابة مباشرة على تدفق هذه الأموال إليه.
تكشف المصادر أن هذه العمليات المالية المعقدة غالبًا ما تبدأ بمبالغ كبيرة تتجاوز المليون دولار أميركي، وقد تمكن حزب الله، من خلال هذه الطريقة المبتكرة، من إدخال ملايين الدولارات إلى خزانته، بهدف رئيسي هو دفع رواتب عناصره وتقديم بعض التعويضات الناتجة عن الحرب الأخيرة والعمليات العسكرية التي خاضها. هذه الآلية المعقدة للتمويل الداخلي والخارجي، بعيدًا عن الأنظار التقليدية، تبرز قدرة الحزب على التكيف مع الضغوط المالية المتزايدة وإيجاد طرق بديلة لضمان استمراريته.