لقاء سابق بين ترامب وبوتين - رويترز
منذ اللقاء العاصف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي في البيت الأبيض الذي شهد مشادة كلامية غير مسبوقة بينهما شارك فيها نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، انقسمت حوله آراء المحللين، لناحية نجاح الرئيس الأميركي في الوفاء بوعده بوقف الحرب الأوكرانية – الروسية، بعد فشل توقيع الاتفاق بشأن استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية مقابل ضمانات أمنية لاي اتفاق لوقف النار، خرج زيلنسكي من المشهد بعد إطلالته الأخيرة من بريطانيا ولقائه رئيس الوزراء كير ستارمر وحصوله على دعم الاتحاد الاوروبي، توقف القطار الذي كان يقل الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا وهو أمز حسمه ترامب قبل وصوله إلى المكتب البيضاوي… لا مزيد من الحروب.
البارحة قطع الاتصال الهاتفي بين الرئيس ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الشك باليقين في ما يرتبط بالحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا، ساعتان ونصف الساعة دام الاتصال بين الرجلين، ناقشا خلاله عدة نقاط على رأسها إنهاء الحرب .
في قاموس السياسية لا شيء مجاني ولعل اصدق تعبير للعمل السياسي ما قاله رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل “لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة انما مصالح دائمة”، وهذا ما يفسر التحول الذي نشهده اليوم على صعيد العلاقات الروسية – الاميركية التي لم تستوِ يوما منذ فترة الامبراطورية الروسية مرورا بالحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، التي تبدلت معه النقاط الخلافية بين الدولتين، يمكن حصرها اليوم بــ 5 معضلات اساسية ، توسع حلف الناتو، الصراع في اوكرانيا ، العقوبات الاقتصادية، الحد من التسلح، والامن السيبراني.
أما على صعيد الملفات الفرعية التي لعبت فيها روسيا أدوارا اساسية، فترتبط بالصراعات في الشرق الاوسط ان في الملف الروسي الذي ساندت فيه روسيا نظام بشار الاسد من ناحية والتعاون العسكري والاقتصادي مع طهران، ولذا فان التقارب الروسي الاميركي سيكون له تأثيرات كبيرة على العلاقة مع النظام الايراني الذي كان يعتمد على علاقته مع روسيا لمواجهة الضغوط الاميركية، وهذا الامر قد يساهم في اضعاف الدور الايراني في المنطقة، مع الاشارة الى ان روسيا قد لا تتخلى عن الورقة الايرانية لحفظ التوازنات مع الولايات المتحدة الاميركية.
من خلال المراجعة للاحداث التي تزامنت مع وصول ترامب الى الرئاسة في الولايات المتحدة، يظهر الانكفاء الروسي جليا عن المسرح في الشرق الاوسط، في سوريا على وجه الخصوص مع سحبها لبعض الطائرات الحربية والمعدات العسكرية بشكل تدريجي ما قبل سقوط نظام الاسد، لمواجهة القضم الاوكراني لمواقعها الاستراتيجية واعادة توزيع قواتها ومواردها واسترجاع هيبتها على الساحة الدولية.
لا شك ان التقارب الاميركي – الروسي سيكون له ترجمة عملية على المشهد في المنطقة لناحية تخفيض مستوى الاعتراضات الروسية على القرارات الاميركية لا سيما في مجلس الامن، الامر الذي سيسمح بكبح الطموحات الايرانية في المنطقة التي باتت محاصرة بالضربات العسكرية الاميركية لابرز اذرعها وآخرهم “الحوثيون” الذين باتوا في النزاع الاخير بعد القرار الاميركي بالقضاء عليهم، وقطع الطريق على ابتزاز طهران للعالم من خلال السيطرة النارية والقرصنة على المنافذ البحرية التي اضرت بالاقتصاد العالمي اجمع … بانتظار قمة ترامب – بوتين التي ستطفئ الحرب بين روسيا واوكرانيا وتفتح الابواب امام تغييرات شرق اوسطية ربما كانت احداث 7 اوكتوبر الباب الرئيسي الذي ساهم في دخول العاصفة الاميركية على المنطقة.