ليست المرة الاولى الذي يحاول فيها الحزب التقدمي الاشتراكي التحرك باتجاه القوى السياسية للوصول الى مسافة مشتركة بينها، لخرق جدار الشغور الرئاسي الذي تخطى السنة والنصف السنة، بينما آفاق الحلول لا تزال مسدودة أمامه رغم التدخلات الخارجية والتحركات الداخلية.
وبما ان لدى كتلة “اللقاء الديموقراطي” علاقات جيدة مع مختلف الأطراف السياسية ومن خلال موقعها الوسطي، فقد عمد الموفد الفرنسي ايف لو دريان على تشجيعها للتحرك مجددا لعل تحركها الجديد يُحدث خرقا ما في جدار الشغور، كما أن دولة قطر والمهتمة بحل الازمة اللبنانية دعمت أيضا الحزب التقدمي الاشتراكي للقيام بجولة مشاورات جديدة لعلها تنجح في مكان ما بتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين.
فما كان من الحزب التقدمي الا ان ادار محركاته باتجاه مسعى جديد لعله يستطيع ان ينجح في هذه المرحلة حيث تعثر الاخرون، رغم يقينه أن لا معطيات او مؤشرات ملموسة على صعيد تقديم التنازلات.
مصادر سياسية تؤكد عبر “صوت بيروت انترناشونال” إن ما يقوم به الحزب التقدمي الاشتراكي هو لتقطيع الوقت الضائع، في الوقت الذي تشخص فيها الانظار الى التطورات الامنية جنوبا، في ظل تصاعد التهديدات الاسرائيلية تجاه لبنان، من هنا تشكك المصادر بنجاح مسعى التقدمي الاشتراكي، مشيرة الى انه وبعد التجارب الماضية فإن كثرة المبادرات الداخلية تحرك الركود لكنها لا توصل الى النتائج المرجوة، والدليل على ذلك مبادرة “الاعتدال الوطني” التي فشلت رغم الدعم الذي حظيت به داخليا وخارجيا، كذلك الامر بالنسبة الى مساعي سفراء الخماسية التي اصيبت ايضا بخيبة أمل .
وبحسب بعض المراقبين فان جنبلاط يتعاطى مع تحركه بواقعية دون أن يضع آمالا كبيرة على نجاح مهمته في الخروج من المأزق الرئاسي، مع إصراره على عدم الدخول في لعبة الاسماء، او دعم اي مرشح او رفض اي اسم، علما انه منذ البداية كان الحزب التقدمي الاشتراكي يدعم ما يعرف الخيار الثالث اي رئيس وفاقي يجمع ولا يفرق، دون ان يلغي اي فريق سياسي او يضعف فريقا اخر وبالتالي يخرج البلاد من المأزق الحالي.
اما مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي فهي لا تبدي تفاؤلا مفرطا بنجاح تحركها، ولكنها في المقابل ترى عبر” صوت بيروت انترناشونال” ان هناك بعض البوادر الايجابية التي لمستها ولو بالحد الادنى، كما ان هناك بداية تحسس لدى جميع الاطراف السياسية بانه لم يعد من المقبول استمرار الوضع في البلاد كما هو عليه من شغور رئاسي وعدم انتظام عمل مؤسسات الدولة حسب المصادر الذي تعتبر ان هذا الشعور لدى الاطراف السياسية هو أمر جيد. ولكنها تعترف أن المقاربات لا تزال بعيدة ولكنها تحاول بذل جهودها لتقريب وجهات النظر.
وتعتبر المصادر ان الدافع الاول لتحرك “اللقاء الديموقراطي” هو الحس والمصلحة الوطنية كذلك التشجيع وارتياح كافة الكتل النيابية والقوى السياسية لتحرك اللقاء، مشددة على انه من غير الجائز استمرار الربط بين الملف الرئاسي بالوضع الأمني في الجنوب وبالتالي بالحرب على غزة.
من ناحيتها تبدي مصادر نيابية داعمة لانتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية امتنانها لتحرك “اللقاء الديموقراطي” ولكنها في المقابل تستبعد ان ينتخب البرلمان الحالي رئيس للجمهورية، مشيرة إلى أن “الموزاييك” الموجود في المجلس النيابي الحالي، وتقاطع التحالفات والرهانات الموجودة بين الكتل النيابية والعمل على قطع الطريق أمام وصول رئيس فرنجية عوامل تقف في وجه الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدة على عدم التنازل عن ترشيح فرنجية واستمرارها بالتمسك به، وهي ترى فيه بأنه الرئيس الأمثل في هذه الظروف.