منذ ٤١ عاما قاد الدبلوماسي الاميركي من اصول لبنانية فيليب حبيب ، مفاوضات لتنظيم خروج القوات الفلسطينية المسلحة وقائدها ياسر عرفات من بيروت عام ١٩٨٢ ، على وقع الضربات الاسرائيلية الجوية والبحرية والبرية، التي طالت العاصمة بيروت .
اليوم يعيد التاريخ تجربة حبيب ، انما باطراف وظروف مختلفة ، ومفاوض من اصول يهودية وضابط سابق في الجيش الاسرائيلي، انه اموس هوكشتاين المبعوث الخاص للرئيس الاميركي جو بايدن الذي تولى مفاوضات الترسيم البحرية مع “ حزب الله” بشكل غير مباشر قادها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وبغطاء من الرئيس اللبناني السابق ميشال عون ، مضفيا الشرعية على نتائج هذا التفاوض بتوقيع تم تمريره في الاسبوع الاخير من ولايته ، دون المرور بمجلس النواب اللبناني.
خسر لبنان بموجب هذا الاتفاق ١٤٣٠ كلم بحري ، بتنازله عن الخط ٢٩ الذي ضم “ حقل كاريش” كمصدر طاقة رئيسي ل” اسرائيل” وهو لم يتوقف عن العمل طيلة الاحداث في الجنوب اللبناني.
مع بداية طوفان الاقصى وانخراط “ حزب الله” في ما اطلق عليه “ وحدة الساحات” منفردا، تبدلت مهام الموفد الاميركي هوكشتاين من مفاوض الترسيم البحري والبري الى موفد لتحقيق وقف اطلاق نار .
جولات هوكشتاين التي تجاوزت ال ١٠ لم تتكلل باي نجاح يذكر قبل فوز الرئيس دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية،وما يقوم به اليوم محاولة انقاذية لادارة الاخير من خلال انجاز اخير قبل دخول ترامب الى المكتب البيضاوي .
رغم الاشارات الايجابية التي تشاع حول قبول الجانب اللبناني بالورقة الاميركية ، الا أن المفاوضات الماراتونية التي دفعت بالموفد الاميركي الى المكوث في لبنان لليلة اخرى تخللها تواصل مباشر ومستمر مع مستشار الرئيس بري علي حمدان ، والتسريبات حول لقاء ثان سيجمع هوكشتاين برئيس مجلس النواب قبل سفره لاسرائيل ، تؤشر الى ان الاتفاق مازال في مرحلة حرجة ، وسيكون رهن الرد الاسرائيلي المرتقب خلال ٣٦ ساعة المقبلة.
أوساط مطلعة تبدي خشيتها من التوصل الى اي اتفاق مع تصاعد المواقف الاسرائيلية الرافضة في الداخل الاسرائيلي ، وما جاء على لسان رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، إلى أنه “يجب إقامة حزام أمني بعمق 15 كيلو مترا داخل جنوب لبنان واحتلاله بدلا عن إجراء المفاوضات” والتصعيد المستمر في الجنوب اللبناني لناحية التوغل الاسرائيلي المتزامن مع مساعي هوكشتاين الذي وسع مروحة زياراته ، حيث التقى رئيس حزب “ القوات اللبنانية “ الدكتور سمير جعجع حيث تناول البحث مسار المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار وآليات تنفيذ القرار 1701، أكد فيها جعجع نجاح أي حل مرهون بالتطبيق الكامل للقرارات الدولية 1559 و1680 و1701، إضافة إلى البنود ذات الصلة في اتفاق الطائف.
ويبدو ان هوكشتاين استكمل لقاءاته لتشمل الرئيس السابق ميشال عون.
لا شك وفق الاوساط نفسها ان زيارة هوكشتاين ستكون مفصلية ، وان نجاحها سيبقى مرهونا بالموقف الاسرائيلي ، وسيكون لفشلها تداعيات خطيرة لن تردع الجيش الاسرائيلي عن استكمال المرحلة الثانية التي اعلن عن بدء تنفيذها ، من خلال استهداف قلب العاصمة من دون انذارات وهو مؤشر خطير قد يتوسع ليشمل مناطق لم تطالها آلة الدمار الاسرائيلية.