عندما تريد التحدث عن السجون في لبنان لا بد من أن تدرج سجن رومية في رأس اللائحة كونه الأكثر اكتظاظا بالمساجين والموقوفين، كما انه يمكن ان يكون نموذجا ملهما للكتاب لما يحوي بين جدران غرفة وقضبانها حكايات لا يمكن أن تستوعبها ذاكرة الذكاء الاصطناعي.
سجن رومية شاهد على سجناء نالوا شهرة واسعة في تنظيمه لناحية تأجير الغرف الجيدة للنزلاء الأغنياء او اصحاب النفوذ كما كانت لهم السلطة في إصدار العقوبة بحق بعض السجناء وصل بعضها إلى القتل وادخال الممنوعات والاتجار بها في داخل السجن وإدارة بعض العمليات خارجه.
الاحصاءات لعدد السجناء في لبنان غير ثابتة لعدة اسباب وفق المحامي محمد صبلوح الذي لفت إلى موقع ” صوت بيروت انترناشونال” ان بعضها يرتبط بمن انهى محكوميته وخرج والذي قد يتزامن مع توقيفات جديدة لا يمكن إضافتها الى المجموع العام. الا ان الاحصاء الشبه الثابت من وزارة الداخلية الذي يشمل ٢٥ سجنا مركزيا اضيفت اليهم النظارات التي تحولت الى سجون نتيجة الاكتظاظ ويرجح أن يكون عددهم ما يقارب ال ١٠ الآف من بينهم حوالي ٣٥٪ يحملون الجنسية السوريةً ، الا انه وفق المحامي صبلوح أن العدد المقدر وفق متابعته عدديا يقارب ١٩٠٠.
وأضاف صبلوح ان السجناء موزعين على السجون الكبيرة مثل زحلة القبةً رومية وعلى الصغيرة مثل اميون حلبا وغيرها يضاف اليها النظارات.
وركز المحامي صبلوح على سجن رومية الذي يتسع ل١٠٥٠ سجين وهو اليوم يشهد عددا غير مسبوقا يصل الى ٣٧٠٠ سجين يعانون من سوء التغذية والنظافة حيث تنتشر الاوبئة مع انعدام الطبابة التي باتت على عاتق السجين والجمعيات.
أما بالنسبة لعدد السجناء الموقوفين بدون محاكمة فنسبتهم تصل إلى ٨٢ ٪ يتحمل القضاء المسؤولية في عدم البت بملفاتهم من جهة والاعتقالات العشوائية من جهة اخرى ، وعلى سبيل المثال ان هناك نسبة لافتة من الموقوفين في منطقة جبل لبنان لم يتم عرضهم على القضاء وهو ناتج عن إهمال من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والحكومات السابقة ، لافتا ان هذه المسؤولية كانت على عاتق وزارة العدل منذ العام ١٩٦٤ لكنها اليوم موزعة بين وزارة الداخلية ووزارة الدفاع التي لا يوجد إحصاءات دقيقة حول عدد الموقوفين لديها كون الزيارات مقتصرة على اللجنة الدولية للصليب الأحمر فقط.
ويرى صبلوح ان المشكلة إلى تفاقم مع سفر العديد من القضاة ففرغت المراكز وبات الضغط مضاعفا على باقي القضاة مع الإشارة إلى ان المحاكمات لم تكن بأفضل حال في وقت سابق ، مشددا على ضرورة معالجة هذا الأمر الذي يتسبب بعض الأحيان بظلم أبرياء ينتظرون النظر في ملفاتهم التي لا تصل إلى النيابة العامة يقبعون في السجن او النظارة قد تتجاوز الشهر ، وهو أمر مخالف لقواعد نيلسون منديلا التي التزم بها لبنان وقد يشكل في بعض الأحيان ظلما لأشخاص تم توقيفهم وتظهر براءتهم خلال المحاكمة وهنا يطرح السؤال عن الجهة التي ستعوض عليهم.
ولفت صبلوح إلى أمور تشكل خطرا داخل السجن نفسه عندما يتم توزيع المساجين ودمج متهم بشيك دون رصيد مع تاجر مخدرات وهو أمر قد يكون له تأثيره على البعض فينتقلون إلى نوع آخر من الجرائم.
اما بالنسبة للملفات التي تم تحولها للمجلس العدلي فهي باتت معضلة كبيرة ناتجة عن غياب القضاة المولجين بها وتقاعدهم والتشكيلات التي تؤخر البت فيها وهنا لا بد من الإشارة إلى ملف انتظر الموقوفون فيه ١١ سنة لحين تم إصدار القرار الظني وهو سينتظر فترة اخرى ليتم تحديد جلسات المحاكمة وهو ايضاً يشكل إجحافا بحق المتهمين فقد يكون بعضهم بريئا أو ان تهمته لا تزيد حكمها السجن الفترة التي قضاها في السجن.
في الختام يرى المحامي صبلوح بضرورة المعالجة السريعة والتي سيكون لها نتائج ايجابية تعالج مشكلة الاكتظاظ اولاً وتؤمن محاكمة عادلة لمن تم توقيفهم لسنوات بانتظار إظهار براءتهم أو تثبيت التهمة المنسوبة اليهم.