الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"الأهالي" سلاح حزب الله في جنوب لبنان

عاد الحديث بقوة عن دور قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، مع اقتراب تصويت مجلس الأمن الدولي على تجديد التفويض لها، والذي لم يعد يفصل عنه سوى أسابيع قليلة.

 

ويخشى حزب الله أن تنجح الضغوط الأميركية هذه المرة في فرض تغييرات على طبيعة المهام الموكولة لهذه القوات التي أنشئت في العام 1978، وتمّ تعزيز دورها بعد حرب 2006 بين إسرائيل والحزب، حيث أوكلت لها مهام مراقبة وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة منزوعة السلاح على الحدود بين البلدين وفقا للقرار 1701.

وأعلن الأمين العام لحزب الله في إطلالته الأخيرة مساء الثلاثاء في ذكرى مرور عشرين عاما على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عن رفضه بشدة لأي تغيير في مهام القوات الأممية، التي قال إنها تصب في صالح إسرائيل.

جاء ذلك بالتوازي مع حملة تجييش يقوم بها الحزب لأهالي البلدات الجنوبية ضد قوات اليونيفيل كان أحد تمظهراتها التوتر الذي حصل بين سكان بلدة بليدا من قضاء مرجعيون وعناصر دورية من الكتيبة الفنلندية، تقوم بجولة تفقدية في البلدة.

واتهم أهالي بليدة الكتيبة بالقيام بنشاطات استفزازية من قبيل التعدي على الأملاك الخاصة عبر تفتيشها دون تنسيق مع الجيش اللبناني، محذرين من أنهم لن يبقوا صامتين في حال استمرت تلك النشاطات.

الغضب من قوات اليونيفيل تمدد أيضا إلى بلدة ميس الجبل جنوب بليدا التي أعرب سكانها في بيان عن “الإزعاج الذي يتسبب به مركز اليونيفيل في منطقة المفيلحة”.

وطالب هؤلاء “المعنيين في الجيش وبلدية ميس الجبل، بالتدخل السريع لوضع حد للتمادي والضرر والإزعاج الذي يتسبب به مركز اليونيفيل في المفيلحة، ذلك أن أصوات مولدات الكهرباء المزعجة التي تكاد لا تنطفئ وهي دون كواتم صوت وملاصقة للمنازل، والموسيقى الصاخبة والمزعجة ليل نهار، والكلاب الشاردة والمفترسة التي تهاجم البيوت وتتعرض للأولاد وتفتك بالمزروعات، هذه الأمور كلها، وغيرها من المشاكل اليومية التي تواجه منطقتنا وأهلنا تستوجب تدخلا حاسما”.

واضطر هذا التوتر في المنطقة الجنوبية رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب إلى القيام الأربعاء بزيارة إلى مقر اليونيفيل في الناقورة حيث التقى بقائد قوات الأمم المتحدة ستيفانو دل كول الذي شدد على حرصه على “العمل مع الحكومة والجيش اللبنانيين لتنفيذ القرار الأممي 1701 ومعالجة أي قضايا عالقة، ومنع التوتر وتخفيف حدته”.

من جهته أكد دياب خلال الزيارة التي تعد الأولى له منذ تشكيل حكومته في فبراير الماضي، تمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 وأهمية استمرار قوات اليونيفيل بالتنسيق مع الجيش اللبناني، مشددا في الآن ذاته على رفض أي تعديل للقوات الأممية.

وكثفت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من ضغوطها لتعزيز مهام القوات الأممية وتمكينها من إجراء تفتيش لجميع المواقع التي يشتبه في استخدامها من قبل حزب الله لتخزين الأسلحة، فضلا عن توسيع انتشار تلك القوات لتشمل الحدود السورية اللبنانية في ظل استغلال الحزب لها لنقل أسلحة إيرانية إلى الداخل اللبناني.

وتواجه هذه الضغوط تحفظات من الحلفاء الأوروبيين الذين يشاركون في تلك القوات، في ظل مخاوف من حدوث صدام مع الحزب اللبناني الموالي لإيران، ويحاول حزب الله بالواضح اللعب على هذا الوتر من خلال إشهار “سلاح” أهالي الجنوب.

وكانت الولايات المتحدة وافقت في أغسطس الماضي على تمديد التفويض الممنوح لـقوات اليونيفيل لمدة عام، شريطة إجراء تقييم لمهمّة القوة وقوامها قبل الأول من يونيو 2020.

ويقول محللون إن الظرفية تبدو ملائمة أمام الولايات المتحدة لفرض تعديل في مهام اليونيفيل، لاسيما في ظل الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة التي يتخبط فيها لبنان، فضلا عن تغير ملموس في مواقف بعض الدول الأوروبية الوازنة على غرار ألمانيا التي أدرجت قبل فترة الحزب بجناحيه السياسي والعسكري تنظيما إرهابيا.

ولا يستبعد أن تكون واشنطن قد وضعت هذا الشرط ضمن حزمة من الشروط لنجاح المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي، على أمل الحصول على دعم مالي.

ويقول المحللون إن حزب الله يدرك أن إمكانية نجاح الولايات المتحدة في مساعيها باتت أقرب من أي وقت مضى ومن هنا يستنفر جميع الوسائل في محاولة للحيلولة دون ذلك، فهو إلى جانب تجييش أهالي الجنوب، طلب من السلطات السورية تعزيز انتشارها على الحدود مع لبنان وإغلاق بعض المعابر غير الشرعية، في محاولة لسحب هذه الورقة من واشنطن.

وقال نصرالله إن “الأميركيين، نتيجة المطالب الإسرائيلية، يطرحون موضوع تغيير مهمّة اليونيفيل”. وأضاف “لبنان يرفض تغيير مهمّة اليونيفيل لكنّ الإسرائيلي يريد إطلاق يدها وأن يكون لها الحقّ بمداهمة وتفتيش الأملاك الخاصة، والأميركيون يضغطون على لبنان بهذا الملفّ”.

وتابع الأمين العام للحزب الشيعي “إذا كانوا يريدون خفض العدد أو زيادته، الموضوع لا يقدّم ولا يؤخّر، نحن لسنا ضدّ بقاء اليونيفيل، لكن يخطئ الأميركي إذا كان يعتبر أنّ هذه ورقة ضغط على لبنان”. وشدّد نصرالله على أنّ “زمن استضعاف لبنان انتهى ولا يمكن أن تفرض إسرائيل على لبنان شروطا ولو بقناع أميركي”.

وفي مطلع مايو الجاري أعلنت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت أنّ اليونيفيل “مُنعت من تنفيذ تفويضها” وأنّ حزب الله “تمكّن من تسليح نفسه وتوسيع عملياته، مما يعرّض الشعب اللبناني للخطر”. وفي حينه كتبت السفيرة الأميركية على تويتر أنّه يجب على مجلس الأمن “إمّا أن يسعى لتغيير جذري من أجل تعزيز اليونيفيل وإما إعادة تنظيم وحداتها ومواردها لتكليفها بمهام يمكنها القيام بها بالفعل”.