الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الساعات القادمة حاسمة.. فشل لقاء الحريري مع حزب الله وأمل

ساعات عصيبة يعيشها أركان السلطة فيما بينهم. الأيام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة إزاء الاستحقاقات السياسية والاقتصادية ومواجهة ميادين التظاهرات. هذه الاستحقاقات الكبرى دفعت أركان “التسوية” (السلطة) إلى الاصطدام فيما بينها، بما يوسع الشروخ والخلافات المتفاقمة. فالرئيس سعد الحريري ينحو إلى الانصياع لإرادة غالبية اللبنانيين الذين لا يقبلون بالقوى السياسية على اختلافها، ويطالب بشخصيات جديدة تعبّر عن توجهاته وتحقق مطالبه. ولذلك لا يرضى بترؤس الحكومة أو تشكيل حكومة سياسية. أما حزب الله فلا يزال يؤمن أن ما يجري هو “مؤامرة أميركية خليجية”. وهناك إرادة للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية. وبالتالي، إخراج الحزب والتيار الوطني الحرّ من الحكومة، عبر مطلب حكومة تكنوقراط. خصوصاً وأن الحريري برفضه لتشكيل الحكومة ينسجم مع مسار تلك “المؤامرة”، بذريعة عدم قدرته على تشكيل حكومة تضم حزب الله.

الأميركيون والخليجيون والأمم المتحدة
كل المساعي المبذولة لم تؤد للوصول إلى أي نتيجة. وحتى الرهان على المساعي الدولية والإقليمية لم تصل إلى مكان. ويبقى الجميع بانتظار وصول الوفد الفرنسي. لكن المعلومات تؤكد أن الفرنسيين لن يكونوا حريصين على السياسيين أكثر من حرصهم على أنفسهم، خصوصاً أن باريس تعرف وتتابع كل ما يجري على الأرض، وهي تعتقد أن لا حل من دون تقديم تنازلات حقيقية. تنازلات سياسية بالتحديد، وفي شكل الحكومة المنتظرة، التي عليها تقديم طروحات إصلاحية للناس، وتنفيذها لحصول لبنان على المساعدات.

هذه المساعدات أيضاً باتت ترتبط بحسابات سياسية، لا تتعلق بفرنسا وحدها، بل بالولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج وغيرها من الدول المؤثرة، التي لن تقدم أي مساعدات من دون تغيير الوضع السياسي في لبنان، خصوصاً دور حزب الله. ومنذ ثلاثة أيام، ولا يتوقف الأميركيون عن التحدث عن الأزمة عبر تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي قال بالأمس أيضاً أن بلاده ستساعد الشعبين اللبناني والعراقي للتخلص من القبضة الإيرانية. وهذا الكلام بحد ذاته سيؤدي إلى المزيد من التشنج السياسي والاستقطاب، الذي سيعرف حزب الله كيف يجيره لنفسه ولخطابه في معرض توكيده أن ما يجري هو “مؤامرة”.

وليست هامشية الجولات الكثيرة التي قام بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبتيش على مختلف المسؤولين لأكثر من مرة. ما يتقاطع مع معلومات تفيد بأن هناك عملاً دولياً من قبل الأمم المتحدة، عبر برامج واختصاصيين ومؤسسات تعمل على تحديد مكامن الهدر والفساد، والبحث في كل ثغراتها، بالاستناد إلى جمعيات دولية متخصصة ومستقلة، تعمل على استعادة الأموال المنهوبة. وهذا يمثل برنامجاً أساسياً بالنسبة إلى المجتمع الدولي، ما يؤشر إلى حجم الضغوط الدولية في رفض تشكيل حكومة سياسية، وتشجيع قيام حكومة جديدة من اختصاصيين لتتسلم السلطة.

لقاء الخليلين مع الحريري
كل هذه الضغوط والمناخات يحاول حزب الله التعامل معها بالضغوط المضادة، والإصرار على الإسراع بتشكيل حكومة سياسية برئاسة الحريري. ولذلك عقد الاجتماع المسائي يوم السبت بين حسين الخليل والوزير علي حسن خليل مع الحريري. وحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن حزب الله وحركة أمل حاولا إقناع الحريري بتشكيل حكومة تكنو – سياسية تكون برئاسته. إلا أن الحريري رفض ذلك. وقد أبدى حزب الله استعداداً للتراجع عن شرطه الذي فرضه ببقاء الحريري رئيساً للحكومة، وأن يختار شخصية تمثله لرئاسة الوزراء، لكن الحريري رفض ذلك أيضاً.

وهنا، تقول المعلومات، أن رفض الحريري مرده إلى قناعته أن الناس بحاجة إلى تغيير جدي وحقيقي، ولا يمكن معارضة إرداتها. وتلفت مصادر متابعة، أن الحريري يهتم حالياً في كيفية التماهي مع خيارات جمهوره، والبحث عن ما يريده هذا الجمهور، الذي شعر باليتم طوال المرحلة السابقة، بسبب “التسوية”. ويركز اهتمامه على استعادة شعبيته التي خسرها بسبب السلطة وظروفها ومعادلاتها.

في المقابل لم يقتنع حزب الله في ما طرحه الحريري، على ظن أن موقفه هذا هو دليل على التماشي أو الاستجابة للضغوط الأميركية والخليجية. ولذلك، هو لا يريد تشكيل حكومة أو تسمية من يمثله بمشاركة حزب الله، خوفاً من تبعات هذه الخطوة.

حكومة حزب الله
حزب الله لا يبدو في وارد التنازل على الإطلاق، موقناً أن كل ما يحدث بهدف إخراجه من معادلة السلطة، وإلحاق هزيمة سياسية به بعناوين معيشية واقتصادية. وهذا لن يسمح به. وبحال بقي الاستعصاء على حاله، هناك من يرجح توجّه الحزب لتشكيل حكومة بمعاييره يحاول فيها تنويع وجوه وزرائها، على نحو لا يظهر انكساره، ولا يترك البلد أمام الفراغ.

وهنا، ثمة تساؤلان يُطرحان بحال أقدم الحزب على هذه الخطوة. الأول، كيف سيتعاطى المجتمع الدولي مع هكذا حكومة؟ وهل ستكون هناك عقوبات على لبنان ككل؟ والثاني، ماذا لو استمرت التحركات في الشارع، واستمر التدهور الاقتصادي والمالي ،والذي سينتج عنه فوضى تؤدي إلى توترات أمنية، ما قد يدفع حزب الله إلى التدخل مجدداً بقوته لمواجهة هذه الفوضى والسيطرة على الساحات، باعتباره الأكثر تنظيماً والأقوى قدرة، وبالتالي حماية “عهده” من السقوط.

في المقابل، يتم نفي هذا الطرح. وأن الحزب سيراهن على الوقت والصبر، على أساس أن الاستعصاء السياسي يبقى في إطار المناورات وتحسين الشروط من قبل كل طرف، إلى أن تنضج الظروف الإقليمية والدولية، وتتشكل حكومة على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، فالحزب يرى أن الحريري “عرف مكانته فتدلل”، وهو يريد أن ينال المزيد منه، كما من المجتمع الدولي دعماً ومساعدة.