عناصر من الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء (رويترز)
وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عدة إفادات متطابقة بشأن تعمد استخدام الجيش “الإسرائيلي” مدنيين فلسطينيين دروعًا بشرية رغمًا عنهم والزج بهم في ظروف شكلت خطرًا على حياتهم، لتأمين وحماية قواته وعملياته العسكرية داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة وفي محيطه، والمستمرة منذ فجر يوم الإثنين الماضي.
وأظهرت الإفادات بأن القوات “الإسرائيلية” استخدمت مدنيين من المرضى والنازحين داخل مجمع الشفاء الطبي كدروع بشرية واستغلتهم سواء لتحصين عملياتها العسكرية داخل المستشفى، أو لتشكيل ساتر خلف قواتها وآلياتها العسكرية، أو إرسالهم تحت التهديد إلى منازل وبنايات سكنية في محيط المجمع الطبي، للطلب من سكانها إخلاءها، وذلك قبيل تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي لعمليات اقتحامها، واعتقال بعض من فيها، ومن ثم تدمير العديد منها.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم فجر يوم الإثنين الماضي مجمع الشفاء غربي مدينة غزة وسط إطلاق نار كثيف وتحليق لطائرات مسيرة، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى واعتقال مئات آخرين، فضلًا عن تدمير وحرق العشرات من المنازل السكنية المجاورة للمجمع بعد اقتحامها.
وبينما تلزم اتفاقية جنيف لعام 1949، السلطة القائمة بالاحتلال على ضرورة نقل المعتقلين إلى مناطق آمنة من مخاطر الحرب، فإن الشهادات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي تؤكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي” أبقى وما يزال عددًا من المعتقلين من داخل مجمع الشفاء لأيام متواصلة في مناطق القتال، بغرض استخدامهم كدروع بشرية وجعل مواقع تجمع قواته وآلياته في مأمن من العمليات العسكرية.
وسبق أن وثق الأورومتوسطي استخدام الجيش “الإسرائيلي” مدنيين فلسطينيين كدروع البشرية ووضعهم على نحو متعمد في أماكن استراتيجية وأمام الأهداف العسكرية، بقصد محاولة منع مهاجمتها، ولتحصين قواته وعملياته العسكرية في قطاع غزة. حيث عمد الجيش الإسرائيلي استخدام المدنيين الفلسطينيين لحماية نقاط تجمع وتحرك قواته أثناء الاقتحامات البرية وتنفيذ الهجمات العسكرية، وكذلك إجبارهم على السير أمام الآليات العسكرية لدى اقتحام منازل وبنايات يُعتقد أنها مفخخة.
ووثق الأورومتوسطي حالات وصلت حد تفخيخ بعض المدنيين الفلسطينيين بكميات كبيرة من المتفجرات وربطها بحبل على خاصرتهم، مع وضع كاميرا على رأسهم، ثم إنزالهم داخل فتحات أنفاق، أو إجبارهم على الدخول إلى مواقع يعتقد الجيش “الإسرائيلي” أنها تستخدم لأغراض عسكرية.
وشدد الأورومتوسطي على الحظر المُطلق لاستخدام المدنيين كدروع بشرية خلال النزاعات المسلحة، باعتبارهم أشخاصًا محميين وفقًا للقانون الدولي الإنساني بقواعده العرفية والمكتوبة، بما في ذلك ما نصت عليه اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الأول. ويُعتبر استخدام المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لنظام روما الأساسي. ولذا، يجب تفعيل المساءلة القضائية الدولية لمرتكبي هذه الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا.
ويبدي المرصد الأورومتوسطي قلقه العميق إزاء الوضع الجاري في مجمع الشفاء الطبي والمخاطر الماثلة أمام المدنيين، بمن في ذلك المرضى والعاملون الصحيون والنازحون بداخله، المحميون بموجب القانون الدولي الإنساني، واستخدام بعضهم كدروع بشرية، مؤكدًا على ضرورة حماية المنشآت الطبية والأشخاص المدنيين، وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الدولية في وقف جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها جميع سكان قطاع غزة، والتحرك الفوري والجاد لوقف جميع جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي التي يرتكبها ضد المدنيين والأعيان المدنية المحمية بموجب القانون الدولي.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، مما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.