الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الحريري يمنح القوى الامنية الغطاء لقمع الثورة منتهكاً المواثيق والقوانين الدولية!

أطلقت السلطة السياسية يد القوى الأمنية لقمع الثورة في لبنان، لاسيما بعد ان اوجع الثوار الطبقة الفاسدة بالتصويب نحو المصارف وحاكم مصرف لبنان، فلم تجد امامها سوى العنف لمواجهة المحتجين وحتى الاعلاميين والمصورين، ضرباً وسحلاً وتوقيفاً وهمجية ليس لها مثيل، ضاربة بعرض الحائط ما ينص عليه الدستور اللبناني والمواثيق والمعاهدات والقانون الدولي في حماية المتظاهرين.

غطاء السياسيين للعنف الذي مارسته القوى الامنية والجيش ظهر بشكل واضح في تصريحاتهم، بدءاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي تساءل أين الجيش؟” في تعليقه على ما جرى في شارع الحمراء، وهو سؤال يحمل في طياته عتباً على المؤسسة العسكرية يصل الى اتهامها بالتقصير والتقاعس، كما دان رئيس مجلس النواب نبيه بري ما حصل معتبرا اياه امراً غير مقبولا، قائلاً” كأن هناك شيء مقصود ومستهدف من أناسٍ غير معروفين، هل المطلوب تدمير البلد، وما حصل شيء لا يصدق، حقيقةً إذا كان الحراك بهذا الشكل “لا مش حراك وليس ثورة”. مشيرًا، الى أنّ “القوى الامنية إعتقلت عددًا من المشتبه بهم، ويجب محاسبة المرتكبين لأي طرف أو طائفة إنتموا”، في حين قال النائب السابق وليد جنبلاط “شارع الحمراء هو جوهرة التعايش وملتقى الأندية الثقافية ومنطلق ​المقاومة​ الوطنية وفيه بقي تراث ​بيروت​ الأساسي، واستنكر ما حدث بالأمس تحت حجة ​المصارف​”.

بالعصي والهروات والغاز المسيل للدموع ينقض الجيش والقوى الامنية على الثوار، والاكيد ان اجراءات وزارة الداخلية بحق المتظاهرين السلميين لم تأت من فراغ، بل نتيجة القرار السياسي لانهاء الثورة في لبنان وبأي ثمن، والمشهد لا يقتصر على اليومين الماضيين وتعرض المحتجين للمصارف، فمنذ بداية الثورة ظهرت وزيرة الداخلية ريا الحسن وكأنها موظفة لدى “حزب الله”، تأتمر بأوامره وتنفذ ما يطلبه بالحرف، فلم ينس الثوار بعد هجوم مناصري الحزب و”حركة امل” على جسر الرينغ قبل مهاجمة ساحة الشهداء ورياض الصلح وضرب واحراق خيم المعتصمين على مرآى من القوى الامنية لا بل بحمايتها ومن دون ان تخجل وزارة الداخلية من تغطيتها الانتهاكات الدموية بايقاف ولو مناصر واحد من اتباع “حزب الله” و”حركة امل” على الرغم من انتشار صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومعرفة هويتهم. وبعد الذي حصل في الامس حاولت الحسن استخدام اسلوب التضليل اليوم من امام وزارة الدارخلية “أقف الى جانب الثوار وطلبت من القوى الأمنية التعامل معهم بحضارة على الرغم من الضغوط التي أوصلتنا لقمع الثورة، والعناصر الأمنية متعبة جداً كما الثوار، عناصر قوى الأمن يشعرون بالتعب ولكن أنا لا أبرر العنف مع المتظاهرين”. واضافت” لست انا من أعطى الأمر ولم يكن هناك نية لما حصل، وما حصل بالأمس مدان”.

في اليومين الماضيين اوقفت القوى الامنية عشرات الثوار، نقل معظهم الى ثكنة الحلو، لتتولى شرطة بيروت التحقيق معهم، وبعد ضغط الثوار لاطلاق سراحهم صرّح النائب العام الاستئنافي غسان عويدات، بأن” إطلاق الموقوفين سيتم تباعاً باستثناء من يثبت تورطهم في الاعتداء على قوى الأمن”… استشراس القوى الامنية في قمع المتظاهرين سبق ان دفع منظمات حقوقية محلية ودولية الى انتقاد السلطات اللبنانية واعلان بعضها عن وجود آثار ضرب على أجساد المعتقلين، منها منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي سبق أن اكدت ان” قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين السلميين وسط العاصمة بيروت، بما في ذلك إطلاق كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع على الحشود، ومطاردة المحتجين في الشوارع والأزقة تحت تهديد السلاح وضربهم” مطالبة على لسان مديرة البحوث للشرق الأوسط لين معلوف السلطات باحترام حقوق المحتجين السلميين في حرية التجمع، وإجراء تحقيق في استخدام قوات الأمن المفرط لقنابل الغاز المدمع والاعتداء على المتظاهرين بالأسلحة والضرب، مشددة على أن” بعض أعمال العنف الجانبية لا تبرر الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع لتفريق الاحتجاج السلمي بمجمله، فلا شيء يبرر الاعتداء على المحتجين”. كما قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن” قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة وغير الضرورية ضدّ متظاهرين وسط بيروت، بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع”.

لاشك ان التظاهر حق كرَّسته المادة 13 من الدستور اللبناني التي نصت على أن” حرية إبداء الرأي قولًا وكتابةً وحرية الطباعة وحرية تأليف الجمعيات كلّها مكفولة ضمن دائرة القانون”، وهو من الحقوق الأساسية والطبيعية التي لا يمكن فصلها عن الحريات العامة للإنسان، والتي يجب حمايته وتنظيمه ضمن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، كما ان هذا الحق مصان دوليا حيث نصت المادة 20 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على ان” لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية” والمادة 21 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على ان” يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.

وبحسب مبادئ الامم المتحدة حول استخدام القوة والاسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، فإنه لا يحق للقوى الأمنية استخدام العنف الجسدي تجاه المتظاهرين الا في حالات الضرورة القصوى وشرط ان يكون متناسباً مع الهدف المشروع المراد تحقيقه وبأقل اصابات وخسائر ممكنة، كما لا يجوز ضرب اي شخص لا يبدي مقاومة او ملقى على الارض او فاقد للوعي ولا يجوز للقوى الامنية ايقاف اي متظاهر وهي باللباس المدني ما لم تثبت هويتها وتبرز اوراقها الامنية، كما نصت ان معظم أعمال الشرطة لا تتطلب أي استخدام للقوة، ولا يوجد إلا عدد قليل من المهام التي يصبح فيها استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضرورياً ومشروعاً لتحقيق الغرض الشُرطي القانوني، ومن بينها الاعتقال ومنع وقوع الجريمة والتصدي للأحداث التي تتضمن الإخلال بالنظام العام، مشددة على أن التناسب ضرورة لا بد منها اي انه يجب أن يكون استخدام القوة متناسباً مع الهدف المشروع المرجو تحقيقه ومع خطورة الجريمة، لذلك عند تدريب الشرطة يجب إيلاء عناية خاصة الى بدائل استخدام القوة، ومن بينها التسوية السلمية للصراعات، وتفهم سلوك الجمهور، وأساليب الإقناع، والتفاوض والوساطة.

تضرب القوى الامنية والجيش اللبناني ومن خلفهما السلطة السياسية المواثيق والقوانين الدولية والدستور اللبناني بعرض الحائط في قمع تحركات الثوار، وكأن لا مجتمع دولي يراقب ولا محاكم دولية يمكنها الاقتصاص منها، فما تقوم به هو التخبط الاخير قبل ان ينجلي ليل الظلم وتشرق شمس الحرية معلنة انتصار الثورة واندحار رموز الفساد الى مزبلة التاريخ.