مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي (أرشيف)
“اسرائيل لا تحتمل هزيمة واحدة بل الاولى تكون الاخيرة” بهذه العبارة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش يبدأ الدبلوماسي الثائر عضو المجلس الثوري لحركة “فتح” محمد الحوراني حديثه لموقع “صوت بيروت انترناشونال” من رام الله لافتا الى ان “اسرائيل” بعد هذا العدوان على غزة، ستدخل في مخاض تفكير بأسئلة وجودية تتعلق باسرائيل.
يشير الحوراني الى ان ما ذكره نابع من تكوين العقل الاسرائيلي الذي يتملكه الخوف بعكس العقل العربي الذي يعتبر نفسه صاحب الارض ويحتمل الهزائم وهو ما دفعه لاستذكار كلام درويش مشيرا الى ان الهزيمة التي يتحدث عنها لاسرائيل المقصود بها، المعنى الاستراتيجي، وهذا ما يخلق لديهم نمط من التفكير والخوف الوجودي الذي سيؤدي الى اثارة اسئلة كبرى داخل هذا المكون بعد انتهاء العدوان ، وابرزها هل سيظل لديهم هاجس المواجهة والعيش على “حد السيف” بشكل دائم.
ويستند الحوراني الى قراءته المعمقة في الفكر الاسرائيلي وما يظهر في وسائل الاعلام الاسرائيلية وحتى مواقف بعض السياسيين الذين يطرحون هذه الاسئلة في خضم المعركة الجارية، وبتنا نلاحظ التصريحات اليومية التي تعتبر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يسعى الى خراب الهيكل الثالث، في حين يرى بعض الكتاب الاسرائيليين انه لم يتبقى من عمر الكيان اكثر من ١٠ سنوات.
يخالف الحوراني في حديث من يرى ان “اسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت “معتبرا انه فارغ كونها دولة نووية قوية، لكن عوامل التغيير الداخلي فيها موجودة في عمقها، لكن الحوار حول هذه التغييرات مؤجلة اما بعد الحرب.
يغوص الحوراني في قراءته لما يجري في الداخل الاسرائيلي لناحية خيارات نتانياهو والائتلاف الحكومي والاستمرار في هذه الحرب، التي تطيل امد بقاء وجود الاخير وتجنب اي مساءلة له امام المحاكم الاسرائيلية في القضايا التي تتعلق بالفساد في وقت يرى وزير الامن القومي ايتمار بن غفير ووزير المال بتسلئيل سموتريش ان استمرار الحكومة، يعزز وجودهما وصرف ميزانيات على قضايا من صلب اهتماماتهما. اما مجلس الحرب الذي اضيف اليه رئيس اركان الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت وعضو مجلس الحرب بيني غانتس لديه استراتيجية اخرى للحرب واستمرارها ولكن يمكن ايقافها لعقد صفقة تبادل مع حركة “حماس”. هذا الامر يشكل عنصر تفاعل سلبي في الشارع الاسرائيلي الذي تخرج فيه وبشكل دائم المظاهرات من أجل هذه الصفقة.
يأمل الحوراني في المستقبل القريب ان يقف هذا العدوان الذي سيشعل التفاعلات العميقة في الداخل الاسرائيلي ترتبط باستمرار الحياة السياسية لنتانياهو ولحكومته ،وهو امر نشهده بشكل متكرر من خلال مواقف فئة كبيرة من الاسرائيليين التي باتت على قناعة بان الاخير يستمر بهذه الحرب لاسبابه الخاصة، ناهيك عن وجود ٣ ملفات في قضايا فساد تورط بها ، وهي ستكون سببا لمغادرته للحياة السياسية مع تزايد الدعوات لاجراء انتخابات مبكرة بعد انتهاء الحرب.
في المقلب الآخر لناحية مواكبة التطورات في الداخل الاسرائيلي والاستفادة منها، يتصاعد الجهد العربي والخليجي لوقف المعارك واستكمال السعي السياسي الذي لم يتوقف ، وهو ما يظهر بشكل واضح من خلال عمل الدول العربية الخمس مع فلسطين على المسار السياسي من خلال الاتصالات مع اطراف العمل الدولي والمؤسسات الدولية، حيثً قدمت السداسية ورقة للادارة الاميركية قبل نحو شهر رفضها وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن وادارته، لانها تتحدث عن مسار سياسي واضح محكوم بسقف زمني من اجل انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية.
يلفت الحوراني ان الرؤية الاميركية لهذا الامر، هو ان الدولة الفلسطينية يجب ان تكون نتيجة لمفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين وفي سياق صفقة اقليمية، وهذه وفق توصيف الحوراني “خرافة ” لا تؤدي الى اي مخرج.
وينهي الحوراني كلامه بالاشارة الى ان الاعترافات التي تتوالى من الدول الاوروبية ودول اخرى في العالم هي في منتهى الاهمية لانها تكرس شرعية فلسطين في اطار القانون الدولي وفق قرارات الشرعية الدولية التي تعتبر الاراضي المحتلة عام ١٩٦٧ هي اراضي دولة فلسطين العتيدة بما فيها ، واهمها القدس الشرقية وهي كانت واضحة من الدول الثلاث التي اعترفت مؤخرا بدولة فلسطين ،هذه الاعترافات ازعجت اسرائيل لان موضوع القدس وتعديل الحدود بما يحول الضفة الغربية الى كانتونات مفصولة الواحدة عن الاخرى هو ابرز اهدافها ، وهذا ما يقودنا الى ان حقيقة الدولة الفلسطينية لا يمكن حتى لحكومة نتانياهو الان القفز ، عنها وستضطر اسرائيل فيما بعد للتعامل مع ما طرأ في فضاء العمل الدولي من هذه اعترافات وخروج ملايين المؤيدين للقضية الفلسطينية ، وسقوط صورة اسرائيل في قاعة المحكمة الجنائية الدولية وعناصر اخرى ستشكل عوامل ضاغطة على اسرائيل للتعاطي مع القضية الفلسطينية ومع سؤال وجودها هي بطريقة اخرى غير تلك التي كانت حتى الآن.