الأثنين 26 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الجولة الأخيرة من السباق بين الورقة التفاوضية والانفجار العسكري

تشهد منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي سباقاً محموما ومتسارعا بين مسارين يتنافسان على مصير المنطقة، اطلقت صفارته الأولى من “قطاع غزة”، وبدأت جولته الأولى في 7 أكتوبر في غلاف غزة الذي اشعل الجزء الشمالي من القطاع واستعملت فيه جميع الأسلحة من الحديد والنار، تخللتها جولات تفاوضية وهدنتان مؤقتتان، استفاد منها فريق رئيس الحكومة “الإسرائيلية” و بنيامين نتنياهو على وجه الخصوص، لتخفيض منسوب الاعتراضات الداخلية على مساره الناري وعدم الاخذ بعين الاعتبار من وقعوا في قبضة “حركة حماس” التي اشترطت تبييض سجون الاحتلال، إلا ان المسار التدميري الذي انتهجه الجيش الاسرائيلي واغتيال القيادي في الحركة صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية، قطع شعرة التفاوض بين الفريقين.

لم يعد لمسار التفاوض حول الاسرى، أي بارقة امل بالعودة الى الواجهة، وباتت الأولوية لوقف اتساع رقة النيران التي اشتعلت من باب المندب عند شواطئ البحر الأحمر وصولا الى مثلث العراق سوريا ولبنان، الذي اشتعلت جبهته بجولات يومية من القصف المتبادل، في موازاة التحركات الإسرائيلية والأميركية من خلال ضربات موضعية للمواقع العسكرية الخاصة بالميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، وحالات ما سمي “الدفاع عن النفس” تجاه الاستهدافات التي يقوم بها الحوثيون من قرصنة واستهدافات للسفن التجارية التي شكلت تهديداً للملاحة يمكن احتواؤها، إلا أن المواجهة الأخيرة يوم اول من امس كانت الأخطر بعد استعمال الحوثي كل الوسائل العسكرية المتاحة له دفعة واحد انطلقت دفعة واحدة من مسيرات انتحارية وصل عددها الى ما يقارب ال18 رافقتها الصواريخ الباليستية والبحرية ، تم صدها من البحرية الأميركية بواسطة حاملة الطائرات “ايزنهاور” و المدمرات المرافقة لها التي تساندها أخرى من بريطانيا وفرنسا والتي تعتبر الاحدث في العالم.

ان تطور الاحداث في منطقة الشرق الأوسط في المثلث العراقي السوري اللبناني المتمثل في عملية استهداف القادة الميدانيين، والتي تركزت بشكل مكثف على الأراضي اللبنانية حيث تم استهداف العديد من هؤلاء القادة الذين تحملهم اسرائيل المسؤولية عن العمليات الكبرى في العمق الاسرائيلي دفعت بالرعاة الكبار وعلى راسهم الولايات المتحدة الأميركية، الى تحريك المسار التفاوضي وتفعيله منعاً لاي انزلاقة قد تنعكس على المنطقة وتحديداَ على لبنان حيث يعتبر مركز الثقل الأكبر مواجهة الكبرى التي يمكن ان يكون لها تداعياتها على المنطقة فيما اذا أعطيت الأوامر لإشعال الجبهات الموازية.

يبدو وفق بعض المحللين ان الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن التي اعتبرت المملكة العربية السعودية المحطة الأبرز فيها، كونها الراعي الأساسي للأوراق التفاوضية حول حل الدولتين والضامن الوحيد لتنفيذها وهذا ما جعلها نقطة ارتكاز ومحور الزيارات الأميركية والأوروبية، ستكون الفرصة الأخيرة لإطلاق صفارة التفاوض السلمي تفاديا للانزلاق باتجاه حرب شاملة، لن يتمكن احد من السيطرة على نيرانها، مع استمرار حكومة الحرب الإسرائيلية رغم التباينات الحادة بين أعضائها الا ان استعادة “الهيبة” لجيشها الذي قهر في شوارع القطاع وأحيائه، لا يمكن تحقيقها الا من خلال فرض معادلة تجعل ميزان القوة يميل لصالح نتنياهو يستطيع من خلالها وضع شروطه على طاولة التفاوض، وهذا الامر يدفع الوزير بلينكن الى الضغط باتجاه وقف توسع النيران، رغم التباين في تصريحاته الذي يبدو انه ناتج عن ما يجري داخل أروقة الإدارة الأميركية والتساؤلات حول الوضع الصحي لوزير الدفاع الأميركي لويد اوستن، الذي غاب عن المنطقة لأسباب صحية، وهو ما طرح العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة العمليات العسكرية مع غياب الرأس دون معرفة اركان هذه الإدارة من رأس الهرم مرورا بنائب رئيس الامن القومي، وهذا الامر قد يكون مؤشرا الى تخبط بين المؤسسات الأمنية والسياسية لناحية مواجهة الملفات الأخطر في تاريخ الولايات المتحدة والتي باتت في رأس لائحة الامن القومي.

يبدو من خلال جولة وزير الخارجية بلينكن والتي كانت اسرائيل محطته الأساسية فيها، أكد فيها على ضرورة حماية المدنيين مع اعترافه بالعدد المرتفع من القتلى الفلسطينيين مع استبعاده للاتهامات باعتبارها إبادة من خلال قوله بانها “بلا أساس” ،لافتا إلى انه “من الضروري ان تحقق اسرائيل هدفها ” لكي لا يتكرر ما حدث في 7 أكتوبر.

كل هذه المعطيات لا يمكن ان تحسم المسار الذي سينتج عن السباق بين الورقة التفاوضية والانفجار العسكري تبقى زيارة المندوب الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان اليوم المحاولة الأخيرة لفتح الأبواب على الحل ضمن الأطر الدبلوماسية او الحل العسكري الشامل؟!