الأثنين 27 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

انبعاث داعش من جديد في سوريا والعراق... مَن المستفيد؟

ما جرى في الحسكة لناحية الهجوم الذي شنه عناصر “داعش” على سجن “غويران” الذي يبعد حوالي 50 كلم من الحدود العراقية وهو يقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) التي تحمي حقل عمر النفطي حيث تتواجد القواعد العسكرية الاميركية وبعيداَ عن الخسائر التي تكبدها الجانبان، تزامن الهجوم مع مجزرة ارتكبها التنظيم نفسه في محافظة ديالى ناحية العظيم ادى الى استشهاد 11 عنصرا من قوات الامن العراقية .

وهذا الامر طرح العديد من التساؤلات حول التوقيت الذي يتزامن مع احداث محلية في الداخل العراقي وهزيمة حلفاء ايران في السياسة ومحاولة طهران من خلال زيارة قائد فيلق القدس التابع “للحرس الثوري الايراني” الى العراق ولقائه رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر في محاولة للضغط باتجاه الحد من الخسائر التي مني بها “الاطار التنسيقي” في الانتخابات البرلمانية، كما ان الانسحاب الاميركي العسكري من العراق بات واقعاَ.

ولذا، فإن السؤال يطرح عن الترابط بين الهجومين لاسيما وان التنظيم يحمل شعار “الدولة الاسلامية في العراق وسوريا ” والمعروفة باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام”، الا ان تحركها في هذا التوقيت الذي يتصادف مع ازمات وملفات شائكة من اوكرانيا الى الملف النووي الايراني وملف اليمن قد يكون قد سمح بتسلل التنظيم والعودة الى الانبعاث. لكن، هل لتنفيذ اجندته الخاصة ام لآخرين؟

هذه الاسئلة أجاب عليها رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور احسان الشمري في حديث خاص “لصوت بيروت انترناشونال” حيث اعتبر ان ما جرى في سجن “الحسكة” مشابه لما جرى في العراق بما عرف بحادثة اقتحام سجن “ابو غريب” عام 2013 وارتداداته على الوضع الامني ليس في العراق فقط، انما على الاراضي السورية. .

واضاف الدكتور الشمري ان حادثة “الحسكة” تشكل اعلانا رسميا لعودة “داعش” بقوة على مستوى الجغرافيا السورية لناحية طريقة تنفيذ الهجوم لسجن محصّن، وطبيعة القوات التي تحميه “قسد” والمدعومة من الولايات المتحدة الاميركية. وهذا يدل على ان هناك تحدّيا كبيرًا من قبل هذا التنظيم، لافتاَ الى ان قوة “داعش” اليوم ليست كما شهدناها على مستوى السنوات الماضية ولكن، لا شك انه يجب ان لا نفصل بين الحدثين لان العقيدة الداعشية هي ارض الخلافة ولا يمكن الفصل بين جغرافيا العراق وسوريا. ويمكن القول إن الاوامر مازالت تصدر من غرفة عمليات واحدة وهو غير منفصل من ناحية الحركة والتنظيم حتى في ما خص العمليات. لذا، يمكن التأكيد ان هذا التزامن مدروس جداَ ويمكن اعتبار ما جرى في ديالى، وان لم يكن بحجم عملية سجن الحسكة، يمثل عملية نوعية كبيرة جدا خصوصا اذا ما علمنا طبيعة المستهدف. هنا، لا يمكن التحدث عن عمليات “ذئاب منفردة”(عمليات خاطفة) انما عملية مخطط لها بشكل دقيق لناحية استهداف مقر للجيش العراقي وسقوط عدد كبير من الضحايا، وهدفه ايصال رسائل عديدة بالتحديد ويجب الاخذ بالاعتبار ان سيطرة “حركة طالبان” على افغانستان صعقة انعاش لهذا التنظيم وصعودها من جديد.

واضاف الدكتور الشمري ان ضعف المنظومة الامنية وعدم قدرة الحكومة العراقية على السيطرة يخلط الاوراق ويعمق الازمة السياسية الحالية، لكنّ الاهم بالنسبة الى هذا “التنظيم” هو نجاحه عسكرياَ، ولكن هذا الموضوع يستغل بشكل كبير من قبل القوى والاطراف السياسية العراقية، ودخل في باب تسجيل النقاط خصوصا في ما يتعلق باختيار الرئيس الجديد للحكومة كما ان هناك محاولة لاستخدام هذه الحادثة في قضية تفوق بالنسبة الى بعض الجهات المسلحة وتعتبرها مكسبا لها لتقدم نفسها كرادع لهذا التنظيم يتفوق على الجيش الوطني وبذلك يعتبر تعويضاَ لها عن الخسائر السياسية التي منيت بها في الانتخابات الاخيرة، وترفع من اسهمها في السياسة وامكانية التفاوض على المعطيات الجديدة لناحية الخطر “الداعشي” بالاضافة الى تزامنها مع الخروج العسكري للولايات المتحدة التي يتمسكون بها لحسابات خاصة بالاجندة الايرانية. ولكن، لاشك ان الضربات الاستباقية الاميركية التي كانت تحصل بالتعاون مع الجيش الوطني كان لها دور في الحد من فعالية التنظيم.

وختم الدكتور الشمري ان “الاطار التنسيقي ” سيستخدم هذه الورقة بشكل كبير، مشيراَ الى ان صفقة ترحيل عناصر التنظيم التي حصلت في لبنان اثرت بشكل كبير لاسيما لناحية انتقالهم الى مساحة جغرافية سهلت لهم الحركة عند الحدود العراقية السورية، والتي مكنته من الدخول الى العمق العراقي. لذا، يمكن القول إن “داعش” بات “بندقية للايجار” وبالتالي، عملية استغلالها في كل المستويات ومن كل الجهات اصبحت امراَ واردا. لذلك، عودته لها حسابات كثيرة ان كان على الاراضي السورية والعراقية والتراجع الايراني على المستوى العراقي وهي ستكون غرضا للنفوذ وتقديم المساعدة للعراق من هذا المنطلق.

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال