الخميس 15 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد سقوط "امبراطورية المستقبل"...من يرمّم صورة سعد الحريري؟

استهل الشهيد رفيق الحريري حياته السياسية بمساعدات مالية خلقت حوله حالة شعبية، وكانت خطته “بناء الحجر والبشر” لإزالة الدمار ومعالم الحرب الأهلية، فحصلت عملية إعمار بيروت وانطلقت مؤسسات رفيق الحريري المالية بالعمل لإنماء المناطق، فارتفعت أسهمه الداخلية وخارج لبنان، حيث كانت لرفيق الحريري شبكة علاقات دولية ضخمة.

اما سعد الحريري فوصلت اليه الزعامة بمعمودية الدم بسقوط والده شهيداً، فصار رئيساً لتيار المستقبل وزعيماً للطائفة ورئيسا للحكومة، كما ورث سعد الحريري العلاقات الدولية من حقبة الوالد، لكنه لم يستطع ان يحافظ على جزء كبير منها.

الحريرية الاولى ارتبطت بصورة رفيق الحريري، وامتدت من العام ١٩٩٢ الى العام ٢٠٠٥، تاريخ نشوء الحريرية الثانية على اثر اغتيال الرئيس الشهيد. واذا كان غياب رفيق الحريري لم يوضع في دائرة النقد، ربما لأن الحريري الأب سقط شهيداً او لأن رفيق الحريري لم يقترف الاثم السياسي نفسه بحق طائفته السنية وجماهيره ولا حتى بحق نفسه، فان الحريري الابن أساء الى حالته السياسية فطارت من يده الرئاسة الثالثة الى التكنوقراطيين في حكومة حسان دياب.

من الحريرية الأولى الى الثانية فارق شاسع في المسافة الزمنية والمتغيرات على مستوى الأداء السياسي.

المفارقة الأبرز ان الحريري الأب جاء كرجل انقاذ عام ١٩٩٢، مع “ثورة الجياع” في حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، بعدما وصل الدولار الى ثلاثة الاف ليرة، وبالمقارنة فإن سعد الحريري ذهب مع ثورة ١٧ تشرين الاول 2019.

عرفت الحريرية في زمن الشيخ رفيق أمجادها، وهبطت أرصدتها في مرحلة الشيخ سعد، لم يستطع الأخير ان يحافظ على التفاهمات التي أنشأها فأطاح التسوية مع بعبدا والحلف مع معراب والمختارة، وسار عكس تياره الشعبي مع “حزب الله” و”أمل”، مما أفقده ثقة جمهوره. ولم يستطع الحريري الابن ان يقيم توازناً داخل السلطة كما فعل الحريري الأب. وعلى الصعيد المالي تفاقمت ديون الحريري ولم ينجح في تطويق أزماته الحادة، وعطّل تلفزيون واقفل صحيفة “المستقبل”، وسقطت “سعودي أوجيه”.

ارتفع الدين العام في عهد رفيق الحريري ليلامس ال٣٤ مليار دولار، لكن سعد الحريري تراكم هذا الرقم بعد الرئيس الشهيد ليتخطى عتبة ال٥١ ملياراً، لكن أسوأ من انهيار الارقام المالية وتهاوي العملة الوطنية، كان نهب الدولة وافلاس المؤسسات، فغادر سعد الحريري السلطة والبلاد على حافة الافلاس المالي والانهيار الاقتصادي.

شكلت استقالة الحريري من الحكومة أفول الحقبة الذهبية للحريرية. الخطأ الأكبر لسعد الحريري تمثّل بعدم محافظته على الطبقة السياسية والتوازنات التي تحكم البلاد، وانه تمسك بحكومة اختصاصيين وأراد اقصاء المجموعة التي تَشَارَكَ معها في السلطة فتسارعت بعدها السقطات.

مصير الحريرية الثانية على المحك. ثمة من يتحدث في الكواليس عن محاولات وجهود استثنائية لتأمين الحشود ليوم ١٤ شباط ذكرى استشهاد الاب، فمسلسل الخسائر طويل ومستقبل الحريري مرتبط بإعادة تشييد الخيمة العربية والغربية فوق “بيت الوسط” بهدف محدد: “ترميم سعد الحريري” من جديد، أوليس في العائلة غير الشيخ سعد؟