الأحد 26 شوال 1445 ﻫ - 5 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

توصيات البرلمان الأوروبي تناقض الدستور اللبناني وتشكل خرقاً له

لطالما شكل اللجوء معضلة غير قابلة للحل إن لم نقل معقدة منذ لجوء الفلسطينيين إلى لبنان وتوزع جزء كبير منهم على المخيمات التي باتت بؤرا للهاربين من العدالة و قنابل موقوتة نتيجة تعدد ولاءات وأجندات الفصائل والتنظيمات التي تسيطر على ساحتها ومعظمها مأجور السلاح لصراعات إقليمية ودولية.

اليوم يعيش لبنان أزمة كبيرة من اللجوء السوري نتيجة ثورة قام بها الشعب السوري على حكم بشار الأسد الذي استعان بالروس والإيرانيين والعديد من الميليشيات الإيرانية لقمع الثوار، الأمر الذي أدى إلى تهجير بعضهم هربا من المجازر التي ارتكبت والاعتقالات فكان للبنان نصيبا كبيرا من عدد اللاجئين مقارنة بمساحته الجغرافية.

البارحة أثار موقف البرلمان الأوروبي الذي تمثل بتصويت غالبية النواب على قرار دعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان ردود فعل رافضة، مع الإشارة إلى أن النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي تيري مارياني اعتبر في تغريدة له،”أنه من بين المسؤولين الفرنسيين المنتخبين فقط أولئك الذين ينتمون إلى التجمع الوطني صوتوا ضد هذه الإهانة للبنانيين ومستقبلهم”.

إن رفض النائب الفرنسي لهذا التصويت وتوصيفه، هو إهانة للبرلمان والمجتمع الدولي الذي يريد إبعاد كأس اللجوء عن جغرافيته، وعوض معالجة الوضع الذي تسبب بتهجير الشعب السوري الذي وضع مصيره بين مطرقة النظام وآلته الإجرامية المرتزقة وبين سندان المصالح الدولية.

على الصعيد اللبناني اختلفت الآراء حول مقاربة هذا الملف لاسيما وأن اعداد اللاجئين في لبنان غير دقيقة نظرا إلى أن لا إحصاءات توثق عددهم وتصنيفهم لناحية من تنطبق عليه صفة اللاجئ ومن هو من أدوات النظام ومخبريه الموكلة لهم أدوار متعددة تركزت على تهريب المواد الغذائية والمحروقات وتصنيع ونقل المخدرات عبر المعابر كافة، وذاكرة اللبنانيين ما زالت تستعيد الصور والفيديوهات التي وثقت عملية سرقة المواد التي دعمها مصرف لبنان من أموال المودعين لتباع في الأسواق السورية بأسعار مرتفعة لصالح الميليشيات اللبنانية والسورية المتواجدة على تلك البقعة.

وبالعودة إلى تصويت البرلمان الأوروبي يرى مصدر من الفريق السيادي، ان هناك إشكالية بين توصيات الأخير والدستور اللبناني ولو أن المواثيق الدولية تنص على فتح الأبواب للنازحين واللاجئين طالما أنهم معرضين للتهديد بحياتهم في مختلف دول العالم فكيف إذا كانت دول تشترك مع البلدان في حدودها الجغرافية ولكن بالنسبة للبنان هناك استثناء يجب التنبه له ولا يمكن التفريط به ويتمثل بما لحظه الدستور اللبناني في المادة “ط” من مقدمة الطائف وكانت بمثابة تعزيز وتطوير للميثاق الوطني التاريخي بين المسيحيين والمسلمين والتي نصت على ما يلي: “أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع بها في ظل سيادة القانون فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين” والعبارة الأخيرة هي الأهم لا توطين، وما يوحي به موقف البرلمان الأوروبي علما إنه هو مجرد توصية ولا يرتقي الى قرار ولا يلزم الإتحاد ولا لبنان ولا أي طرف بما تضمنه فيما يتعلق بالتأكيد على ضرورة تأمين استقرار النازحين في لبنان حتى إشعار آخر.

وبالتالي أي دعوة لتثبيت النازحين السوريين في لبنان أو لتأمين أسباب بقائهم وبالتالي وصولا إلى احتمال استقرارهم بشكل نهائي أو شبه نهائي و بحكم الأمر الواقع، يناقض كليا ما نصت عليه الفقرة المذكورة اعلاه والتي تؤكد على رفض التوطين، وبالتالي لبنان يختلف عن كل دول العالم الأخرى بوجود نص صريح في دستوره، برفض التوطين وهذا الأمر يجب أن يتنبه له المجتمع الدولي ولاسيما الدول الأوروبية التي لا تعرف هذه الحقيقة ولا تعرف مدى دقة التوازن اللبناني على الصعيد الوطني بين المسلمين والمسيحيين ولا تعرف أو لا تريد أن تعرف ماذا يعني الميثاق الوطني بين المسيحيين والمسلمين والذي إذا اهتز بفعل توطين نازحين من فئة معينة فنكون هنا أمام خرق فاضح للدستور وبالتالي أمام تهديد لوحدة لبنان.

وبالتالي موضوع ترسيخ الوجود النازحين السوريين في لبنان يناقض الدستور ويجب أن تنبيه السلطات اللبنانية بدل إطلاق المواقف الشعبوية والنظرية والبيانات أن تقدم الأدلة الجازمة حول أهمية رفض التوقيع كما نص عليه الدستور اللبناني، وبالتالي إن الموقف الأوروبي يناقض ما نص عليه الدستور ويناقض الصيغة اللبنانية، وبالتالي رفض التوقيع ليس مجرد موقف وطني فحسب بل موقف ميثاقي ودستوري لا لبس فيه لا يمكن التراجع عنه، و على الدول الأوروبية التي يفترض أن تكون معنية بسيادة لبنان و بحريته و بتنوعه و بديمقراطيته وهي العناوين التي تتمسك بها أوروبا أن تدعم لبنان في الحفاظ على هذه الخصائص من خلال تحميل مسؤولية بقاء النازحين السوريين إلى النظام السوري.

وبالتالي لا يمكن أن نفهم رفض هذا النظام لعودة النازحين ورفضه تسهيل عودتهم بدل السعي إلى ابتزازهم والتهويل عليهم لردعهم عن العودة أو التفكير فيها مع الإشارة الى ان فئة من هؤلاء النازحين تذهب وتعود عبر الحدود إلى سوريا لأنها توالي النظام وتوفر له بعض العملة الصعبة ولا مشكلة لديها لأنها بذلك تريح النظام السوري من بعد بعض الأعباء المالية والاقتصادية، وبالتالي المطلوب من الأوروبيين ومن المجتمع الدولي أن يضغط على النظام السوري ليوافق على عودة النازحين السوريين لا سيما بعدما استقرت الأوضاع في سوريا بنسبة 90%، أو إذا كان المجتمع الدولي مهتم فعلا بهذه العودة وبقضية النازحين الإنسانية، فعليه أن يسعى إلى تأمين مخيمات لهم على الأقل داخل الأراضي السورية برعاية دولية، بما يكفل بقاءهم في وطنهم أولا وخروجهم من لبنان ثانيا وبالتالي تعطيل العامل المتفجر الذي يمثلونه، وثالثا يمنعهم أيضا من التوجه إلى أوروبا وهو ما يخيف الأوروبيين من تصاعد أعداد المهاجرين.

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال