الجمعة 16 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

دول عربية تُقفل أبوابها بوجه رئيس الحكومة اللبنانية

مرَّ أكثر من أسبوعين على نيل حكومة حسان دياب ثقة البرلمان اللبناني بـ63 صوتاً في جلسة عقدت بتاريخ 11 فبراير/شباط الحالي، حضرها 84 نائباً من أصل 128، ومع ذلك لم يجرِ رئيس الوزراء بعد أي زيارة لدولة عربية، أو يُحدّد جدولاً بالزيارات لعواصم القرار، ولا سيما الخليجية، والسعودية بالدرجة الأولى، كما يفعل كلّ رئيس حكومة لبناني بعد وقتٍ قصيرٍ من تكليفه ونيله الثقة النيابية.

 

ويصف مصدر سياسي مطلع على ملف العلاقات اللبنانية – العربية لـ”العربي الجديد”، هذا المشهد بـ”الاستثنائي وغير الاعتيادي والخطير”، ويقول إنّ دياب لم ينجح حتى اليوم في تغيير صورة الحكومة بنظر الدول العربية التي تضعها في خانة حكومة حزب الله. ويلفت إلى أنه كان يتوقّع أن تُساعدَ زيارته لدار الفتوى في 12 فبراير الحالي، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعد تأخر حصول اللقاء لأسابيع (لما بعد حصول دياب على الثقة وليس بمجرد تكليفه كما جرت العادة)، في ترطيب الأجواء العربية، ولا سيما مع السعودية، الأمر الذي لم يحصل. بل ويشير المصدر إلى أن الأزمة معقّدة، وقد تحمل تداعيات سلبية جداً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، خصوصاً في حال تخيير الأطراف اللبنانية بين استمرار دياب في منصبه أو المساعدات.

ووفقاً للمصدر نفسه، فإن أبرز الدول التي تقاطع دياب هي: السعودية، والبحرين، والإمارات، ومصر، لأنها ترفض التعامل مع حكومة أتى بها حزب الله لتُشرّع صراعاته في المنطقة وتفسح الطريق أمامه لتنفيذ أجندته العربية وتحقيق أهدافه الإقليمية.

وقد برزت المقاطعة بحسب المصدر من قبل السعودية والإمارات بعدم زيارة سفيرَيْها حسان دياب منذ تكليفه، ومن ثم نيل حكومته الثقة في 11 فبراير الحالي، ورفضها تهنئته واستقباله. لكن ينفي مسؤولٌ مقرّبٌ من دياب، في حديث مع “العربي الجديد” وجود مقاطعة، ويؤكد أنّ رئيس الحكومة اللبناني لم يبدأ بعد بوضع جدول لزياراته العربية، ولم يتّخذ أي مبادرة جدية ورسمية لتحديد وجهته وتوقيتها، لأنّ هذا الملف لن ينضج قبل انتهاء موضوع “يوروبوند”، أي سندات الدين الخارجية التي تستحق في التاسع من مارس/آذار المقبل، إذ يضع دياب حالياً الملفات الداخلية على رأس أولوياته.

من جهة أخرى، يلفت المصدر المطلع على العلاقات اللبنانية – العربية، لـ”العربي الجديد”، إلى أنّ الدول المقاطعة رفعت شروط منح المساعدات وربطت هذا الإجراء بحصول إصلاحات جدية وملموسة، الأمر الذي ورد بشكلٍ واضح في تصريح وزير المالية السعودي محمد الجدعان للصحافيين يوم الأحد الماضي، في ختام اجتماع مسؤولي المالية من مجموعة العشرين، بأنّ المملكة على اتصال ببلدان أخرى لتنسيق أي دعم للبنان على أساس الإصلاحات الاقتصادية.

ويضيف المصدر أن هناك قيوداً إماراتية سعودية لناحية الدعم المالي للبنان الذي سيتحوّل من نوع الهبات إلى الدخول في مشاريع واستثمارات كأي رجل أعمال شريك، وذلك تفادياً لهدر الأموال أو استخدامها لغاياتٍ أخرى، وتحديداً لمصلحة حزب الله. ويلفت إلى أنّ السعودية بشكل خاص تعمل على خطوات جديدة ستبدأ بالظهور قريباً على الصعيد الدبلوماسي لناحية تخفيف عددِ دبلوماسييها، والتراجع عن بعض المشاريع الاقتصادية ووقف عددٍ منها، وستسحب يدها نهائياً من ملف تسليح الجيش اللبناني، بعدما عمدت سابقاً إلى وقف هبة كانت قد قدمتها، مخصصة لدعم الجيش بالأسلحة وتعزيز قدراته العسكرية. ويؤكد المصدر نفسه لـ”العربي الجديد”، أنّ هذه المقاطعة تدفع دياب إلى التريث قبل بدء جولته العربية التي قد تنطلق من الكويت، الأمر الذي إن حدث، سيشكل حدثاً غير مسبوقٍ لرئيس حكومة لبناني من خارج “الحريرية السياسية” لم يبدأ جولاته العربية من السعودية، وذلك إذا لم تنجح مساعيه واتصالاته في تذليل العقبات أمام زيارة السعودية.

من جهته، يقول المسؤول المقرّب من دياب، الذي يتابع لقاءاته العربية والدولية، لـ”العربي الجديد”، إنّ اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة اللبناني يوم الاثنين الماضي، مع سفير دولة قطر لدى لبنان محمد حسن جابر الجابر في السرايا الكبيرة، وتخلله بحث العلاقات بين الطرفين، كان إيجابياً جدّاً، وقد يُمهّد لزيارة قريبة يقوم بها دياب لقطر. مع العلم أن دولة قطر كسرت غياب غالبية القادة والرؤساء العرب عن القمة العربية الاقتصادية الرابعة التي استقبلتها العاصمة اللبنانية بيروت في 20 يناير/كانون الثاني 2019 بحضور أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني.

وكان نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد كشف في حوارٍ خاص أجرته معه صحيفتا “المدن” و”العربي الجديد”، في الخامس من يناير الماضي، أنّ قطر تدرس عدداً من الأفكار والمشاريع بعيدة المدى لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته الاقتصادية الراهنة. وشدّد على أن قطر لا تريد للبنان أن يسقط، وهي لن تقدّم إلّا ما يلبي حاجات الشعب اللبناني.

من جهة ثانية، يلفت المسؤول المقرّب من رئاسة الحكومة اللبنانية، إلى أنّ دياب يحرص على أن تكون علاقات حكومته جيدة مع الأطراف العربية كلها، ليس فقط لتأمين الدعم المادي الذي يحتاجه لبنان، بل بغية نيل “الدعم المعنوي” أيضاً، لأنّه جزء لا يتجزأ من محيطه العربي ويجب المحافظة دوماً على التعاون بشتى المجالات. ويؤكد أنّ خطوة دياب لكسب ثقة الدول العربية ستكون عبر الإصلاحات المالية والاقتصادية التي ستجريها حكومته وسياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، وخصوصاً التي يشارك فيها حزب الله.

بدوره، يرى وزير الدولة السابق لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، وهو عضو في “اللقاء التشاوري” المقرّب من فريق حزب الله، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ المناكفات السياسية دائماً ما يكون لها تأثيرها على علاقات لبنان مع الدول العربية، ما يرتدّ سلباً على الاقتصاد والتجارة والإنتاج. ويشدد على أنّ لبنان لا يمكن أن يتنفّس من دون العمق العربي، من هنا ضرورة تحسين العلاقات مع الجميع والتركيز أكثر على التجارة عبر البرّ التي تتطلب كذلك أن تكون الحدود مفتوحة على هذه الدول من سورية التي تعدّ المعبر الوحيد لإنتاجنا لتصريفه بأقلّ كلفةٍ، إلى الإمارات وقطر وسلطنة عُمان والسعودية وغيرها.

ويلفت مراد لـ”العربي الجديد”، إلى أنّ المساعدات تحتاج إلى قرار سياسيّ ودوليّ، واليوم هناك طريقة جديدة للتعاطي مع لبنان في هذا المجال، لأن الدول التي ساعدت لبنان خلال أعوام ماضية لن تكرّر مساعيها بالأسلوب نفسه، ما يحتّم على الدولة اللبنانية المقصّرة أن توقف الهدر وتحسّن في إدارتها للملفات. ويؤكد وزير الدولة السابق، أنّه لا يجوز أن يُظلَم لبنان واقتصاده ومزارعوه وشعبه بسبب علاقات قد تكون متوتّرة مع بعضِ الدول لأسباب سياسية، خصوصاً أنّ دياب قال منذ اليوم الأول لتكليفه إنّه حريصٌ على إقامة أفضل العلاقات مع الدول.