الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

في لبنان ماتت الدولة و عاش رفيق الحريري

كان مشروعهم أكبر من لبنان و بعيد كل البعد عن العروبة والحياد، لذلك اغتالوا العروبي و الوطني الأول في لبنان.. رفيق بهاء الدين الحريري الرجل الذي غيّر شكل لبنان عندما كان حي يرزق وعندما استشهد أيضاً.

في 14 شباط من كل سنة يستذكر اللبنانيون اغتياله بحسرة وقهر كبيرين، كيف لا وقد ذهب “رفيق الغني و الفقير”، في ذلك اليوم من عام 2005 الذي هز لبنان بأكمله وليس العاصمة بيروت فقط، كانت الجريمة مخطط لها بدقة عالية، من مراقبة مطولة لعدة أشهر، إلى اختيار مكان الاغتيال، ووضع 2500 كيلوغرام من مادة ال “TNT” داخل شاحنة بيضاء قرب فندق “سان جورج”، كانت بانتظار اللحظة المناسبة لاستهداف مركبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي كانت مصفحة تصفيحاً مزدوجاً، رغم كل هذه الدقة والحرفية بالتنفيذ، إلا أن منفذي هذه الجريمة الإرهابية كانوا معروفين ومن اليوم الأول، فكل أصابع الإتهام اتجهت نحو الرئيس السوري بشار الأسد وأمين عام ميليشيا حزب الله حسن نصرالله.

لم يعجبهم وجود رجل وطني إلى هذا الحد يعمل من أجل لبنان أفضل، لم يروق لهم أن يروا شعبيته تزداد كل يوم أكثر فأكثر، لم يكونوا راضين عن إعادة إعماره للبنان الذي أصبح في عهده يسمى “سويسرا الشرق”، بعد أن كان بعهد حروبهم المقيتة يسمى “بلد القتل على البطاقة الشخصية”، كان يزعجهم لأنه ساعد أهالي ضحايا الاجتياح الإسرائيلي للبنان، و لتقديمه المنح الدراسية لأكثر من 35 ألف شاب وشابة من جميع الطوائف اللبنانية، ولكونه أول من أدخل الإنترنت إلى الوطن العربي، استفزتهم وطنيته التي دفعته لمعارضة الاحتلال السوري ومطالبته باستقلال لبنان، باختصار كان الرجل الوحيد الذي وقف بوجه مشروعهم ومخططاتهم في لبنان، وكان الرجل الوحيد الذي دفع بعجلة التطور في بلده إلى الأمام.

بعد اتهامه بشكل مباشر ومعه بشار الأسد، خرج حسن نصرالله بعد أقل من شهر على قيامه بهذه العملية الإرهابية بطلب من الأسد، وشكر سوريا لما سماه “مساعدة لبنان” لسنين طويلة، دون أي خجل أو انتماء للبنان ورجل لبنان الأوحد في تلك الحقبة الذهبية بتاريخ سويسرا الشرق، فهو وبشكل مباشر شكر من احتل بلاده، وجعلها محافظة سورية ولم يحترم لا الكبير ولا الصغير فيها لمدة 30 سنة، وفي حقيقة الأمر هو لم يكن يشكرهم على مساعدة لبنان، بل كان الشكر المبطن لمساعدتهم له على احتلال لبنان، الذي لم يكن ليحدث إلا باغتيال اللبناني الأقوى شعبياً وسياسياً واقتصادياً، ليحل مكانه الإيراني الأقوى إرهابياً.

لكي نعرف ما هي قيمة هذا الرجل الذي يتحسر و يترحم عليه شعبه يومياً، يجب علينا أن نعي أولاً أن اللبنانيين مازالوا إلى اليوم، يستخدمون البنى التحتية ذاتها التي بناها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فمنذ اغتياله إلى يومنا هذا لم يُدق مسمار واحد لتطوير هذا البلد، ولنعرف قيمة رجل بحجم الشهيد الحريري، علينا أن نتذكر بأنه جاء بعد حرب أهلية دامية، دامت 15 سنة قتلت البشر ودمرت الحجر، و استطاع بعهده أن ينشر ثقافة العيش المشترك من جديد، فرأينا التعايش اللبناني بصور جميلة لا تشبه تلك التي كانت في ال 15 العجاف، وبعد اغتياله عادت الطائفية لذروتها، وكثر الانفلات الأمني والاغتيالات، وعاد الاقتتال الطائفي من جديد، وما اغتيال الصحفي سمير قصير، والنائب جبران تويني، واللواء وسام الحسن و غيرهم الكثير، واجتياح حزب الله لبيروت بسلاحه عام 2008، إلا مثال بسيط لما فعلته هذه الميليشيا الإيرانية باللبنانيين، ففعلياً سويسرا الشرق أصبحت بعد اغتيال الحريري، مقر لتصنيع الأسلحة وتخزينها، ومعسكر تدريب وتخطيط لاستهداف الدول العربية،  فقد أُبعدت عن عروبتها تماماً، وأصبحت اليوم محافظة إيرانية سياستها الخارجية تصدر بأوامر من طهران، أما سياستها الداخلية فتصدر من عميل طهران في الداخل، الذي اعترف علناً بأن رواتب ميليشيته وأكله وشربه وسلاحه يأتي من إيران.

اليوم نحيي الذكرى السادسة عشر لاغتيال رجل كان هو الدولة بأكملها، ومن بعده أصبحنا نرى الدولة اللبنانية بحالة موت سريري، و مازال هو حي في قلوب وعقول اللبنانيين، فهل هناك أمل بأن يأتي رجل يشبه “رفيق الغني و الفقير”، ليحيي لبنان وشعبه من جديد ويخلصه من الاحتلال الإيراني ؟