الثلاثاء 14 شوال 1445 ﻫ - 23 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان: بين الأزمات المعيشية ومخاوف الحرب.. “طار البلد”!

طفلٌ يموت على باب مستشفى في طرابلس، مواطنون يعتصمون ضد الفساد في وسط بيروت، مسلحون يشتبكون مع الجيش اللبناني ويقتلون جندياً في بعلبك، مفاوضات تشكيل الحكومة المنتظرة متواصلة، الأمم المتحدة تؤكد وجود أنفاق لـ”حزب الله” جنوباً، مجلس الأمن يناقش موضوع الأنفاق وسط مخاوف من حرب إسرائيلية جديدة..

جميعها أحداث شهدها لبنان في الآونة الأخيرة، تجسّد فعلياً الأغنية الجديدة التي أطلقها النجم اللبناني راغب علامة، تحت اسم “طار البلد”.

أغنية انتقد من خلالها المطرب الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان، حيث تطرقت إلى الوضع الاقتصادي وغياب العدالة الاجتماعية في البلاد، بينما حث علامة الناس على التصدي للأزمات التي يمر بها الوطن والشكوى بصوت عال.

وبعد انتشار الأغنية بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، خرج علينا أحد النواب، معتبراً أن من يقول “طار البلد” يجب أن “يطير رأسه”! وأضاف أن أغنية راغب علامة “تشعر الناس باليأس”.

السؤال هنا، هل حالة اليأس والإحباط التي يشعر بها الكثير من اللبنانيين، سببها أغنية راغب علامة؟ أم سببها الحقيقي هو مللهم من أداء الطبقة السياسية التي تفشل في تشكيل حكومة منذ 7 أشهر؟

اليأس الحقيقي سببه تفاقم الأزمات المعيشية، وزيادة الفقر والبطالة.. سببه موت المواطنين واللاجئين على أبواب المستشفيات، سببه عدم تلبية المطالب الاجتماعية، سببه غلاء المعيشة وأسعار الخدمات المرتفعة رغم رداءتها.. سببه انعدام الأحلام في بلد مستقبله مجهول.

بلدٌ يعلو فيه صوت الباطل على صوت الحق، وصوت الميليشيات على صوت الدولة، وصوت الفساد على صوت الكفاءة، ألا يعتبر “طائر” فعلاً؟

ولم يكن ينقص اللبنانيين سوى الأحاديث الأخيرة عن احتمال نشوب حرب جديدة مع إسرائيل، التي أطلقت حملة على الحدود الجنوبية بحثاً عن “أنفاق حزب الله”.. أنفاق وُضعت على طاولة مجلس الأمن، وأكدت قوات اليونيفيل أن اثنين منها يعبران الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.

اللبنانيون لا يريدون أن يكون بلدهم “كبش فداء” للصراع بين إيران والقوى الكبرى، بل يريدون العيش بسلام والنأي بأنفسهم عن الأزمات والحروب الخارجية، مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع جميع الدول العربية الشقيقة.

إذاً، على المسؤولين التوصل لحكومة في أسرع وقت، تكون وظيفتها الشروع فوراً بحل الأزمات الداخلية، وتحسين الأوضاع المعيشية، وفرض سيطرة الدولة، ومنع الاعتداءات على الجيش، والعمل على تجنيب لبنان الدخول في صراعات خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل.

“طار البلد” فعلاً، وليس من اليوم، لكن الأهم هو العمل على استرجاعه، كي لا يبقى “طائراً” إلى الأبد!