الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

موقف الحريري الجريء يطيح بالتسوية... فماذا بعد؟

يبدو أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لموسكو بدأت تجني ثمارها.

فبعد الإتفاق الثلاثي (الروسي – الأميركي – السعودي) على إيجاد تسوية كاملة و شاملة للمنطقة ; و في ظل تصاعد الخلاف الإيراني – السعودي، كان من البديهي التفكير في تغيير جديّ سيطرؤ على الساحة اللبنانية.

لكن لم يكن أحد ليتوقع أنه سيتمثل باستقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في هذا الإطار الزمكاني الذي شكل “الضربة القاضية” للتسوية اللبنانيّة التي لاقت حتفها بعد أقل من سنة.

*فما هي الأسباب التي دفعت بالرّئيس سعد الحريري إلى الإستقالة*؟

كان بيان الإستقالة الذي تلاه الرئيس سعد الحريري من الرياض كافيا و وافيا بحد ذاته لتبيان الأسباب التي دفعت به للقيام بهذه الخطوة بعيدا عن التحليلات والإستنتاجات السفسطائية!

وقد جاء فيه “أن حزب الله فرض أمرا واقعا على لبنان بقوة السلاح الموجه إلى صدور إخواننا السوريين و اليمنيين فضلا عن اللبنانيين و كل يوم يظهر لنا حجم التدخلات التي نعاني منها على صعيد علاقتنا مع أشقائنا العرب” .

و “أنّ إيران و أتباعها لا يضعون أيديهم في مكان إلا و يعم الخراب فيه،وأنهم خاسرون في تدخلهم بالشؤون العربية و ستقطع اليد التي ستمتد إلى الأمة العربية بالسوء و أنه ستقطع أيادي إيران في المنطقة”.

إن موقف الحريري الواضح و الجريء له بعدين ، بعد لبناني وطني و بعد عربي إنتمائي
فعلى الصعيد اللبناني ، يدل موقف الرئيس سعد الحريري على :

أولا – رفض رئيس الحكومة اللبنانية الإستمرار بتسوية تُخترف بشكل مستمر بنودها و ركائزها الأساسية و على رأسها سياسة النأي بالنفس التي تم تجاوزها مرارا و تكرارا .

ثانيا- رفضه البقاء في السلطة مقابل تغطية الخروقات و الممارسات غير الشرعيّة التي كانت تحاك على حساب سيادة اللبنانيين و أبرزها ما حصل مع تنظيم داعش و الجماعات الإرهابيّة و تأمين ممر آمن لهم للخروج من لبنان بما يتعارض مع سيادته و سيادة جيشه.

ثالثا- التمسك بالهويّة العربيّة و التّأكيد على ما ورد في مقدمة الدستور اللبناني الفقرة ب ” بأن لبنان عربي الإنتماء و الهويّة” و في المادة الأولى من اتفاق الطّائف “تأكيد استقلال لبنان و هويته العربيّة” .

أما على الصعيد الدولي : فتعني هذه الإستقالة من الرياض وقوف لبنان وقفة تضامنيّة تاريخيّة مع أشقائه في العروبة ضد أي محاولة خارجيّة لتحقيق الحلم الإيراني برسم الهلال الفارسي بدماء إخواننا العرب وتحقيق مطامعهم على حساب هويّة و أمن و استقرار بلادنا العربيّة .

أمّا عن تداعيات هذه الإستقالة:

بات من الواضح أن ردود الفعل السياسيّة على الإستقالة كانت حذرة و متريّثة ، و أنّ الجميع يرمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ، الذي لم يقم بأي إجراء دستوري بعد منتظرا عودة الرّئيس الحريري.

وفي ظل هذه الأجواء الضبابيّة ، تطرح العديد من التساؤلات : فهل سيعود الرئيس الحريري لسدّة الرئاسة من جديد و بشروطه هذه المرّة ؟ إلى أي مدى ستسلّم السعودية جدلا باستحالة استبعاد حزب الله عن الحكومة اللبنانية الحاليّة؟ و هل سيستطيع الشّارع السني امتصاص غياب الرئيس الحريري عن السّاحة اللبنانيّة مجدّدا؟

الكاتبة: سينتيا الفليطي