الثلاثاء 21 شوال 1445 ﻫ - 30 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

‏حزب الله في أرمينيا، فأي حدود تُرسّمونها !!!

جاءت موافقة لبنان في الدخول إلى إتفاق الإطار حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد خطاب “حسن نصر الله” الأخير وعقب عرض “بينيامين نتنياهو” لمواقع تخصّ حزب الله ومعنيّة بصناعة صواريخه، حيث ألمح بإمكانيّة وقوع إنفجارات فيها ممّا سيّعرّض اللّبنانيّين للخطر لأنّها تقع بينهم …

‏لم يخفَ على أحد أنّ موافقة الثنائي الشيعي المتمثّل بحزب الله وحركة أمل على بدء إجراء مباحثات ترسيم الحدود أتت تحت وطأة عقوبات الولايات المتحدة الأميركية وكشف المعامل التابعة للحزب، وقُبيل القبول بإتفاق الإطار، عمد حزب الله على السماح للإعلاميّين بدخول الموقع في منطقة الجناح، القريب من السفارة الإيرانيّة، ولم يكشف النّقاب عن سائر المواقع، وذلك بغية تحييد السفارة من الخطر المحتمل أن يدهمها في أي لحظةٍ ووقت، ومن ثمّ حمل “نبيه بري” رسالته المنبريّة في الحؤول إلى دخول الإتّفاق وهو بصورة الممتعض من إستبيان النّاس لملامح إذعانه لسيف رمضاء العقوبات؛
‏يُعدّ هذا الإتفاق المرعي بوساطة الولايات المتحدة بمثابة إطار عمل لبدء المناقشات وليس الإتفاق الفعلي على ترسيم الحدود البحريّة أو تقاسم الموارد المُحتملة، حيث جاهر بتبنّي إنسيابه مجاري الإستساغة “نبيه بري”، بيد أنّ حزب الله ومشغّلته إيران إلتزما المراقبة بصمت حيال هذا الموضوع الّذي عبروا أقاصي دول العالم وإحتلّوا البلدان وأهرقوا دماء الشعوب بذريعته …

‏إن نظرنا من زاوية أخرى، نجد الجواب في مقلبٍ آخر، فالصراع الأرميني-الأذربيجاني لم يُترك من قِبَل إيران، وكيف ستتركه ولها في قزوين وجواره أطماع بالغاز، وهي كعادتها لطالما كانت تنظر بعين المستقبل وتُهيّئ نفسها لأُفول الماضي المتكرّر في سياساتها ونظرتها لباقي الدّول؛
‏طيلة الأعوام الخالية، ومنذ تفاهم “مار مخايل”، جنح حزب الله، الميليشيا الإيرانيّة في لبنان، إلى تدريب عناصر التيار الوطني الحر في معسكراته، ولم يستثنِ الجندر الأرمني من اللعبة خاصّةً بعد ولوغه في إجهاض الثورة السورية …

‏واليوم وبعد نشوب النزاع بين الإنفصالين، الأذري والأرميني، عمدت إيران إلى وجودها السياسي والعسكري إضافةً إلى ما يُوازي ستة آلاف عنصر أرمني من بينهم عناصر لبنانيّون ينضوون تحت لواء سرايا المقاومة، ما يُشير إلى عدم رجوع الحزب إلى لبنان على عكس ما تظهّر إعلاميّاً، فهو إنسحب بفرق الشيعة من سوريا لينخرط بفرق الأرمن في أرمينيا ضدّ أذربيجان الشيعيّة التي تنحدر أصول “علي خامنئي” منها، وهذا ما يُجهض حُججه في الدّفاع عن وجود طائفته ويُكرّس تبعيّته للآيديولوجيّة الإيرانيّة المؤمنة بالإستعمار والنّفوذ وقوميّة إمبراطوريّة كسرى على حساب دماء الأُمم …

‏لاقى الصمت الإيراني والحزب اللهي، على حدٍّ سواء، إزاء الموافقة على محاورات قضيّة التّرسيم بين الطّرفين اللّبناني والإسرائيلي جدليّةً واسعة، رغم أنّه يلزم حدوثه مع باقي البنود المطروحة وأهمّها بند السّلاح غير الشّرعي وتطبيق القرارات الدّوليّة الهادفة لبناء الدّولة ولكن ما يجري في إقليم قرّه باغ يُفسّر هذه المُعضلة، ويُرسي مبدأ التّقية المُتّبع في حال نجح الرّئيس الأميركي “دونالد ترامب” غير أنّه يفرض الهيمنة بسطوة السّلاح إن نجح “جو بايدن” …

‏لم يَصدُق حزب الله في رجوعه إلى لبنان، وهذه هي عادته، بل بشكلٍ مباشر إنتهى من سوريا ليذهب إلى أرمينيا وعمل على إفساد حياد لبنان وبقائه في الأهواء الإيرانيّة والصّراعات الآيديولوجيّة المجسّدة بتركيا وإيران، هذا ناهينا عن الصفيح الساخن الّذي يتربّع عليه اللّبنانيّون، فأنفاق حزب الله وصواريخه ومواد تصنيع وقودها ونيترات الأمونيوم والمتفجّرات موجودة في كل منطقة، السكنيّة منها والجرديّة، وتشمل كافّة المحافظات، فبين هرجٍ ومرج، ومُصابٍ وجَلَل، وحروبٍ آيديولوجيّة سياسيّة متقادمة أثبت أنّ تسييد إيران هو البوصلة بالنّسبة له، وبأنّه يُراوغ ولا يتغيّر …

‏كما قُلنا، ترسيم الحدود هو خطوة مُلزمة ويجب أن يتبعها باقي الخطوات وأبرزهم تطبيق القرارات الدوليّة وإستعادة السّيادة، لكنّ رزوح لبنان واللّبنانيّين تحت براكين إيران الموقوتة في لبنان بذراعها حزب الله، وتسلّط السّلاح غير الشّرعي على رقبة الدّولة والشعب، وعقليّة الحزب الّتي لا تجعله لا يُسلّم ولا يستسلم، والتّأكيد بأنّه مرتزقة مأجورة بإعتراف المصرّحين الإيرانيّين النّافذين، لن يُوصل لبرّ الأمان أو شطّ الخلاص، فعقيدة حزب الله بسلاحه هي العقدة وليس أي شيء آخر …

‏يجب أن ننظر إلى مكامن الوجع، فالحلول لا تكون بتبديل النّتائج بل بمعالجة الأسباب، علينا أن نُشير إلى الورم ولا ننظر إلى الأصبع …