لا يكاد يمر يوم من دون ان تشهد الساحة الداخلية حدثا أمنياً، ولئن تفاوتت نسبته بين عرضي بسيط وذي ابعاد خطيرة في لحظة الغليان الاقليمي والتسويات المرتقب ابرامها على مستوى المنطقة. منذ عملية طوفان الاقصى وفتح الجنوب ساحة لكل راغب بقتال اسرائيل والمشاركة في جبهة الاشغال والاسناد التي اعلنها حزب الله وانغمس فيها نصرة لغزة، ارتفع في شكل ملحوظ منسوب الحوادث والاشكاليات الامنية المتنقلة في الداخل من جرائم قتل وسرقات واطلاق نار وتهريب اسلحة على غرار حادثة الامس حينما تكشفت بالصدفة، ونتيجة حريق اندلع في شاحنة محملة بالزيوت وصلت عبر مرفأ طرابلس تحمل لوحة تركية، فصول نقل سلاح من تركيا الى لبنان عبارة عن 304 مسدسات مخفية فوق المحرك مع كمية من المماشط فأوقفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني عددا من الاشخاص المشتبه في تورطهم بالتهريب وعلمت “المركزية” ان الشاحنة كانت متجهة جنوبا وان السلاح كان سيسلم في مخيم المية ومية حيث تنشط تجارته هناك. وقبل يومين تعرض بيت الكتائب المركزي في الصيفي لإطلاق نار متعمد من سيارة مرت مسرعة، يتابع فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي التحقيقات في القضية ، في حين تتوالى عمليات القتل والجرائم من طرابلس الى العازورية والدورة والاشرفية وغيرها من المناطق.
التفلت الامني على سوئه وما يخلّف من قلق خشية وجود طابور خامس يستغل الوضع الجنوبي لخلق فتنة في الداخل، ثمة ما يطمئن فيه ويتمثل بسرعة تحرك الاجهزة العسكرية والامنية وتوقيف المتورطين ما يرفع عامل الثقة بها ، فهي على اي حال اخر حصون الدولة الصامدة.
من الحوادث الامنية التي استنفرت الرأي العام وقوبلت بموجة رفض عارمة من السياسيين والشعب اطلاق النار من قبل مجموعة كبيرة من الملثمين ابان تشييع شهداء للجماعة الاسلامية في ببنين، بعد سيناريو مشابه سابقا في الطريق الجديدة. الا ان الظهور المسلح الفاقع وكمية النيران التي اطلقت في البلدة العكارية كانت خارج المنطق والمألوف. شأن استدعى تحرك مخابرات الجيش التي اعتقلت مجموعة من الشبان بتهمة اطلاق النار واحالتهم الى التحقيق.
واستنادا الى التحقيقات، تم استدعاء رئيس بلدية ببنين وعضو المجلس الشرعي الاسلامي كفاح الكسار الذي حضر التحقيق بناء لاشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية المعاون الرئيسة منى حنقير، على خلفية اعتراف احد الموقوفين ويدعى عبدالله الكسار بأنه مدهم بالسلاح، فأنكر عضو المجلس الشرعي التهم الموجهة اليه وطلب مواجهتهم، وحينما تمت المواجهة جاء الموقوف باكيا مدعيا بأنه تعرض للضرب والتعذيب لاجباره على وضع اسم الكسار وأنه اجبر على التوقيع على المحضر بالقوة وانكر كل اعترافاته السابقة.
وفي السياق، اكد مصدر أمني لـ” المركزية” ان النيابة العامة كانت تتجه الى توقيف عضو المجلس الشرعي كفاح الكسار لو لم ينقض الموقوف عبد الله الكسار شهادته امام القضاء، بعدما اعترف مرتين وبتوقيعه امام محققي مديرية المخابرات والشرطة العسكرية، ان المذكور كفاح هو من قام بتجهيز المسلحين بالأسلحة المناسبة وسلمه شخصيا السلاح BKC وقد ظهر في وسائل الاعلام جليا هذا المشهد. الا ان عبد الله ارتعد خوفا عندما تمت مواجهته مع عضو المجلس الشرعي للجماعة، فعمد الى تغيير افادته والعودة عن اعترافاته السابقة، وقد ظهر التردد من خلال تغيير ملامح وجهه وتردده في الكلام، وقد دُون ذلك في محضر النيابة.
وردا على بيان المحامي محمد صبلوح الذي اتهم فيه الجيش بفبركة ملفات الشبان الذين اعتقلوا خلال اطلاقهم النار خلال التشييع، أكد المصدر الأمني ان الاجراءات هي محض قانونية لا يشوبها اي التباس وقد اوقفت مخابرات الجيش مجموعة من الشبان الملثمين بتهمة اطلاق النار واحالتهم الى التحقيق.