يعتقد مؤيّدو نظرية اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهم باحتمالين رئيسيين: اغتيال إسرائيلي (أو إسرائيلي – أميركي)، أو تصفية إيرانية داخلية لخلافة المرشد الخامنئي، ولتغيير في الرؤيا نحو مستقبل إيران وعلاقاتها الدولية.
يمكن بالتأكيد لإسرائيل تنفيذ عملية اغتيال الرئيس الإيراني. ولكن هل هناك دافع لذلك؟ والأهم هو هل إن اغتياله يغيّر في شيء السياسة الإيرانية المتبعة تجاه إسرائيل أو حتى تجاه العرب والمنطقة؟ أو يغيّر في كيفية مقاربة المفاوضات في الملف النووي الإيراني مع الأميركيين؟ على الأرجح لا!
فالسياسة الإيرانية مع محورها هي استراتيجية ولا تتغيّر بتغيّر الأشخاص. تماماً، كما حدث بعد قائدها العسكري قاسم سليماني. على الرغم من اغتيال الولايات المتحدة الصريح له!
إيران، رفضت حتى الآن الانجرار الى حرب إقليمية بنتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة. فهل تسعى إسرائيل إلى توريط إيران والولايات المتحدة معاً في مواجهة عسكرية مباشرة، حتى قبل الانتهاء من غزة، وقبل اقتحام رفح؟! الأمر وارد.
ومع ذلك، فمن المستبعد اليوم نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط بسبب وفاة رئيسي، حتى توفر إثبات قوي على «اغتياله» (ويمكن القول أيضاً حتى ولو توفر الاثبات على الاغتيال)! فلا الإيرانيون يريدون الحرب، ولا الأميركيون يريدونها، ولا إسرائيل تريد خوضها بالمباشر.
في قراءة للأسلوب الإسرائيلي، يستهدف الإسرائيليون في اغتيالاتهم، في العادة، القادة العسكريين والمموّلين، ونادراً ما يستهدفون قادة سياسيين من غير العسكريين. فالمشكلة بالنسبة إليهم هي في التمويل وفي التنفيذ أكثر منه في اتخاذ المواقف السياسية والتعبير عنها. وهذا ما يُلاحظ مثلاً في العمليات الإسرائيلية التي تنفذ اغتيالات في لبنان ضد كوادر حزب الله.
أما لجهة احتمال التصفية الإيرانية الداخلية لرئيسي، فمن هي الجهة القادرة على اتخاذ مثل هذا القرار، والقادرة على تنفيذه؟ ليس هناك سوى قرار من المرشد الأعلى، أو من فريقه، وبتنفيذ قادة الحرس الثوري!
ولكن هل يحتاجون الى مثل هذا النوع من القرارات؟ على الأرجح لا! فخيارات التغيير السياسية بقرار مباشر من المرشد سهلة جداً! إلّا إذا كان محيط المرشد يريد فرض هذا الخيار عليه، بشكل من الأشكال!
تبقى أن مسألة الوفاة الطبيعية للرئيس الإيراني ومرافقيه واردة أيضاً، مع عدم فهم سبب تنقّله في هذه الظروف المناخية الصعبة جداً. كما تبقى أيضاً أن الحادثة أكبر من أن تُستبعد عنها فرضية الاغتيال! لكن ظروف اشتعال الحرب الإقليمية الشاملة لا تبدو مكتملة بعد!