الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

التعايش المستحيل بين عون وسعد الحريري

حتى لو نجحت المحاولة الاخيرة وتحققت المعجزة لتشكيل حكومة جديدة، مع أننا لسنا في زمن معجزات، فإن التعايش سيكون مستحيلًا بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، انطلاقًا من التوقعات التالية:
كيف سيتم التوافق على جدول الاعمال الذي يضعه رئيس الحكومة، في ظل انعدام الثقة بين القصر الجمهوري والسرايا الحكومية؟

فبحسب الدستور: ” رئيس الحكومة یدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد ویضع جدول أعماله ویطلع رئیس الجمهوریة مسبقاً على المواضیع التي یتضمنها وعلى المواضیع الطارئة التي ستبحث”.

فماذا لو كانت هناك بنود يضعها رئيس الحكومة ولا يوافق عليها رئيس الجمهورية؟ في ظل انعدام الثقة بينهما، فإن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى أزمة وزارية.

هل سيترأس رئيس الجمهورية كل الجلسات؟ وماذا عن الجلسات التي تنعقد برئاسة رئيس الحكومة في السرايا؟ كيف سيطمئن رئيس الجمهورية إلى سير أعمال جلسات السرايا وهو الذي لا يرتاح إلى الرئيس المكلَّف وسبق ان وصفه بأبشع النعوت، صوتًا وصورة؟

ماذا لو اقرَّ مجلس الوزراء في السرايا قرارات لا يوافق عليها رئيس الجمهورية، هل يرفض التوقيع عليها؟

ماذا لو انعقدت جلسة برئاسة رئيس الجمهورية، وقام هذا الأخير بطرح بنود من خارج جدول الاعمال ولم يوافق رئيس الحكومة على طرحها، هل يخرج من الجلسة لعدم تمريرها؟

في الدستور اللبناني، وفي الفصول والمواد المتعلقة برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس الوزراء، ترِد عبارة ” بالتوافق ” بين رئيسي الجمهورية والحكومة أكثر من مرة، فكيف سيتحقق هذا التوافق بين رئيسين بات التوافق بينهما مستحيلًا؟

إن عدم التشكيل منذ عدة شهور، على قساوته، يبقى ربما اخف وطأة من تشكيل مشوب بعيب عدم التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

بهذا المعنى فإن على اللبناني أن يعيش حتى ايار 2022، موعد الانتخابات النيابية التي تعقبها استشارات لتسمية رئيس جديد لتشكيل للحكومة، هذا التعايش المستحيل بين بعبدا وبيت الوسط سواء تشكَّلت الحكومة أم لم تتشكَّل، ولكن حتى ذلك التاريخ، مَن القادر على الصمود في ظل هذا الواقع؟

الإنهيارات المتعددة ستسابق أي تطور حكومي، فحتى لو تشكَّلت حكومة جديدة، وفق ” المعايير المستجدة ” والوجوه ذاتها، فإنها لن تكون قادرة على لجم الانهيار الآتي.

إن تشكيل الحكومات لا يتم ” عن بُعد “، وهو ليس ” حصة مدرسية أون لاين “، فإلى متى سيبقى المعنيون بالتشكيل يُعطون جرعات تفاؤل غير مبنية على أسس واقعية؟