الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

فائض القوة لدى العصابات

في السادس والعشرين من نيسان الفائت ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة قتيل مضرَّج بدمائه إلى جانب دراجته النارية في منطقة الكفاءات قرب مدرسة “الليسيه بيلوت”، وقرب الجثة بطاقة للضحية تثبت أنه “الرقيب عباس قيس” من عديد الحرس الجمهوري في الجيش اللبناني
تبيَّن أن الرقيب لم يكن في مهمة، وكان بثياب مدنية.

أظهرت التعقبات أن قيس استُدرِج، وأنه كان يحمل شنطة فيها نقود على الأرجح، خصوصًا أنه يعمل في مجال الصيرفة خارج دوامه وخدمته العسكرية.

كما أظهرت التعقبات أن هناك عصابة تقف وراء جريمة القتل، ويمتد “نفوذها ونطاق عملها” من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى حي الشراونة في بعلبك.

باشر الجيش اللبناني عملية التوقيفات لمَن يقفون وراء جريمة القتل، وتمت التحقيقات لدى مديرية المخابرات. أن العملية ليست فردية، بل معدَّة بإتقان: هناك مَن اتصل بالضحية، وهناك مَن رصد تحركه ، وهناك مَن تولى إطلاق النار وربما هو مَن أخذ حقيبة المال، وفي نهاية العملية توارى الجميع، إما في الضاحية وإما بين الضاحية وبعلبك.

جملة من الأسئلة تُطرَح حيال هذه العملية التي أقل ما يُقال فيها إنها “شغل عصابات” لديهم كل المستلزمات والظروف للقيام بجريمتهم:

مسرح الجريمة يقع في منطقة هي ” منطقة نفوذهم.
السلاح متوافر ولم يعد “زينة الرجال” بل ” زينة العصابات.
“البيئة الحاضنة” موجودة، على رغم وجود السلاح المتفلت في كل بيت ودسكرة وشارع في الضاحية الجنوبية.

والأهم من كل ذلك “فائض القوة” الذي يتيح للعصابات التنقل بأسلحتهم بين الضاحية وبعلبك مرورًا بالحازمية والفياضية واللويزة والجمهور وعاريا والكحالة وعاليه وصوفر وبحمدون، وصولًا إلى البقاع فبعلبك.

هناك إشكالية حقيقية في “ثنائية” البيئة الحاضنة وفائض القوة، فحيث تتوافر هذه “الثنائية” كلُّ شيء مباح ومتاح إلا عند الاصطدام بالجيش اللبناني فتكون العواقب وخيمة.

ولمَن خانته الذاكرة، قبل الانتخابات، وحين كادت الضاحية الجنوبية أن تفلت من سيطرة حزب الله وأمل، جرى التمني على الجيش اللبناني ان يتخذ زمام المبادرة، علمًا أنه لم يغب يومًا عن الضاحية. لم يقم الثنائي بهذه ” المبادرة ” إلا بعدما كبر ” الوحش” وصار التخلص منه مكلِفًا ، فتمت الاستعانة بالجيش.

انطلاقًا من هذا المعطى وهذا المسار، كان يُفترض بالثنائي أن يسلِّما قتلة العريف في الحرس الجمهوري، وهما يعرفونهم ، فلماذا تركا الأمور تستفحل؟

في صلب عقيدة الجيش اللبناني، ولاسيما في “عهد” العماد جوزيف عون ، الجيش خط أحمر، والاعتداء على أي عنصر فيه، وفي أي رتبة يكون، هو اعتداء على المؤسسة العسكرية ككل.

المطلوب “فائض دعم” للجيش وليس “فائض قوة” في وجه الجيش.

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال