الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"التيَّار سيِّد نفسه"... ولكن

في زمن الوصاية السورية الذي امتد من تشرين الأول 1990 إلى نيسان 2005، راج شعار هو اقرب إلى السخرية منه إلى الواقعية. يقول الشعار: “المجلس سيِّد نفسه”، والمقصود ان مجلس النواب هو سيد نفسه ولا احد يملي عليه قراراته.

لكن الجميع كانوا يعرفون أن هذا الشعار كان مدعاة للسخرية وبعيدًا كل البعد عن الواقعية. فـ”سيِّد المجلس” كان في عنجر او في “البوريفاج”، وكانت كلمة من ” ابو يعرب” (غازي كنعان) ثم ” ابو عبدو” (رستم غزالي)، تقلب قرارات المجلس رأسًا على عقب.

تذكَّر اللبنانيون هذه المهزلة فيما هُم يتابعون طروحات برزت في الايام الأخيرة عن خطوات نوعية يمكن ان تتخذها كتل نيابية وازنة للخروج من مازق “التكليف الممكن والتاليف المستحيل”.

ابرز هذه المواقف موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي لوَّح في الجلسة النيابية لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، بالاستقالة من مجلس النواب، كخطوة مُلزِمة لإسقاط مجلس النواب والسير بانتخابات نيابية مبكرة.

التيار عاد فجدد هذا الموقف بعد اجتماع المجلس السياسي، فأكد انه “في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الإنحلال المتسارع في بنية المؤسسات، فإنّ خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملاً إجبارياً “.

هلَّل انصار التيار الوطني الحر لهذا الموقف، ونشطوا يغرِّدون: لا أحد يُملي علينا مواقفنا، وها نحن نلوِّح بالخروج من مجلس النواب لإسقاطه ، فالتيار سيِّد نفسه.

للوهلة الأولى صدَّق أنصار التيار هذا التهديد العالي السقف، وراحوا ينتظرون الساعة الصفر الذي يقلب فيها رئيسهم الطاولة على رؤوس الجميع، لكن الطاولة انقلبت على راس التيار و” ضُرِب من بيت حليفه “!

خرَج شريكُه في تفاهم مارمخايل ليُعلِن: ” ما زلنا ضد الانتخابات النيابية المبكرة، واللجوء إليها مضيعة للوقت، وللمطالبين بانتخابات نيابية مبكرة نقول: “بدل التحدث عن اجراءات نيابية مبكرة تفضلوا وشكلوا حكومة”.

لا يمكن ان يكون هذا الكلام موجّهًا إلا إلى رئيس التيار جبران باسيل، وبعد هذا الكلام سيسحب باسيل، بالتأكيد، تلويحه بالإستقالة بهدف إسقاط المجلس.

عند هذا الحد، ماذا يبقى من مقولة “التيار سيِّد نفسه”؟ لقد تعمَّد شريك التيار في تفاهم مارمخايل ان يقول له: ” الأمر لي”، في هذه الحال، ماذا يتبقى من استقلالية القرار وحريته لدى التيار؟