الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

المصالح السياسية والحزبية والطائفية الضيقة أطفأت شعلة ثورة الأرز

كان لزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005 تداعيات كبيرة على لبنان وشعبه، وكان هذا التاريخ بمثابة شرارة لانطلاق التظاهرات الشعبية والمدنية في لبنان لا سيما في بيروت، وكان أكبرها في الرابع عشر من آذار في ذكرى الشهر على اغتيال الرئيس الحريري.
وجاءت هذه التظاهرة المليونية التاريخية كرد على تظاهرة “شكراً سوريا” التي دعا اليها “حزب الله” وحلفاؤه في الثامن من آذار من العام نفسه، حيث شكلت هذه التظاهرة تحدٍ واضح لعدد كبير من اللبنانيين الذين انتفضوا في وجه الاحتلال السوري وحلفائه ملوحين بالعلم اللبناني في وسط بيروت حيث ضريح الرئيس الشهيد، حاملين اللافتات المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان، إذ وصلت أصوات المنتفضين الى دمشق والعالم.

وعلى أثرها، وبضغط دولي، خصوصاً فرنسي وأميركي، خرج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، وكان لانتفاضة الاستقلال أهدافاً واضحة، وهي بالاضافة الى مطالبتها بانسحاب القوات السورية، دعت الى إنشاء لجنة دولية للتحقيق في اغتيال الرئيس الحريري، واستقالة حكومة الرئيس عمر كرامي وعدد من المسؤولين الامنيين والقضائيين واجراء انتخابات نيابية حرة وديموقراطية وهذه الانتخابات ادت الى وصول اكثرية نيابية من قوى الرابع عشر من اذار الى قبة البرلمان، ولكن بدخول هذه القوى بتسويات وتنازلات أدت الى تفككها واضعافها.

هذه الثورة التي اطلق عليها أيضاً ثورة الأرز، اتت عفوية وهي كانت تسعى حينها لقيامة لبنان ووحدة شعبه للوصول الى استقلال ثانٍ جديد بقيادة تيار المستقبل، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، حزب الكتائب اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي، حركة التجدد الديمقراطي، حركة اليسار الديمقراطي، حزب الوطنيين الأحرار، الكتلة الوطنية اللبنانية.

ولكن وبعد مرور 17 عاماً على ثورة الأرز التي دُفع ثمنها دماء أصبحت، وللأسف، مجرد ذكرى يمر عليها بعض اللبنانيين مرور الكرام، وسرعان ما تفككت وربما اندثرت هذه الثورة نتيجة المصالح الحزبية الضيقة والطائفية والمذهبية والمكاسب الإنتخابية والتسويات على حساب المصلحة الوطنية وبناء لبنان، وباتت ساحة معارك شخصية ومذهبية في ظل ازمات مختلفة ووضع مأزوم وتباينات سياسية كبيرة يتعرض لها البلد الذي اصبح بأمس الحاجة الى التضامن والوحدة لمواجهة التحديات، بعد ان كانت في وقت من الاوقات قد حجزت لها مكانا مشرفا في التاريخ وشكلت نقطة وعي وتضامن وطني استثنائي.

ولكن ورغم كل الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة وهيمنة ايران و”حزب الله” على لبنان وقراراته الداخلية والخارجية وصعوبة واعادة المشهد السياسي الجامع في الوقت الراهن لأنه تاريخ قد لا يتكرر، فيجب ان تبقى ذكرى الرابع عشر من اذار التي شهدت توحّد الشعب اللبناني بجميع اعماره ومن مختلف طوائفه علامة فارقة في التاريخ السياسي للبنان لأنه كان بداية بصيص نور أطفأته المصالح السياسية، ورغم كل ما حدث ويحدث يبقى هناك امل بوعي الشعب اللبناني من خلال السعي لتغييّر منظومته السياسية التي اوصلته الى قعر الجحيم وذلك من خلال المشاركة في الاستحقاق الدستوري المقبل وهو الانتخابات النيابية المقبلة والتي يصادف موعده بعد شهرين بالتمام والكمال ويجب ان تكون هذه الانتخابات بداية تغيير حقيقية لاختيار الاشخاص الافضل والاجدر للعمل من اجل عودة لبنان الى مكانته السياسية والثقافية والاجتماعية والطبيعية في محيطه العربي والدولي ليعود كما يجب ان يكون منارة الشرق للعلم والثقافة والحرية والانفتاح.