الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

باب المندب الممر الإلزامي للصراعات الدولية والإقليمية

منذ ما قبل اندلاع حرب قطاع غزة والعين تتجه على الممرات البحرية، وعلى رأسها مضيق باب المندب الذي اكتسب أهمية كبرى كونه يربط البحر الأحمر ببحر العرب وخليج عدن ما يجعله الشريان الحيوي لأوروبا.

هذا المضيق اكتسب أهميته بعد حفر قناة السويس عام 1869 وبالتالي بات البحر الأحمر ممرًا مهمًا للوصول إلى البحر المتوسط وهذا ما يضاعف أهميته على الصعيد العالمي والإقليمي ويجعل تهديد أمنه خطرًا، ليس فقط على ملاحة الشركات العالمية الكبرى، إنما على الاقتصاد العالمي لناحية تأمين البضائع على مختلف أنواعها،ـ لا سيما مصادر الطاقة وهذا ما سيكون له انعكاسات كبيرة قد تزيد من مخاطر التضخم في العالم من جوانب متعددة لا تقتصر على الاستيراد والتصدير، بل على الكلفة المرتفعة التي ستترتب على المستهلك.

يطرح العديد من المراقبين علامات استفهام حول الأسباب التي ما زالت تحول دون حل هذه المعضلة من قبل الدول المستفيدة من هذا الممر والتي تمتلك معظم الشركات العملاقة التي تعبره، لا سيما وأنّ أكثر من 4 شركات أوقفت عبورها فيه وعلى رأسها “مايرسك” الدنماركية التي تملك أسطولًا من 300 سفينة وناقلة، تتوزع حمولاتها في الشرق والغرب وشركات أخرى ألمانية سويسرية إيطالية وفرنسية.

هذا الأمر يفرض على هذه الدول التي أبحرت قطعها البحرية العسكرية إلى منطقة الشرق الأوسط والعديد من المضائق وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي بدأت استعداداتها قبل حرب 7 أكتوبر 2023، وهنا يطرح السؤال عن السبب الذي تحولت فيه هذه القطع إلى مجرد “حارس مرمى” يفشل أحيانًا في رد الصواريخ والمسيرات التي تستهدف بعض السفن والناقلات ولم يبادر إلى لجم القوى التي تهدد أمنها.

بعد مرور أكثر من شهر على هذه الاستهدافات بدأ التداول مؤخرًا بإمكانية إنشاء تحالف لتأمين الملاحة في هذا المعبر والذي يتشرط اللاعبون في أمنه، وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي لم يستجب له الكيان الصهيوني بعدما أسقط في مجلس الأمن الدولي رغم الدعم العربي والخليجي له والمسعى الثاني الذي قادته الإمارات العربية المتحدة وتقدمت به أمام الجمعية العامة، ولكنه رغم حصولها على تصويت مرتفع إلا أنه لا يلزم إسرائيل.

يعتبر مصدر متابع للحركة الدبلوماسية فيما يتعلق باقتراح إنشاء التحالف الدولي لحماية هذا الممر، إلا أنه يرى أن التباين القائم ينقسم إلى عدة مقترحات تستند إلى مصالح الدول الغربية من جهة تتقدمهم الولايات المتحدة التي تعتبر المظلة التي تحمي إسرائيل والدول الأوروبية في مواجهة الدول العربية والخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ومصر المحاصرة طبيعيا من محاور ثلاث حيث تضغط إسرائيل على حدودها من خلال ما يقارب المليون ونصف فلسطيني حوصروا على حدودها ومن جهة أخرى السودان المشتعلة داخليا وليبيا، وهذا ما يفرض حكمة كبيرة وتضامن بين الدول العربية والخليجية لاتخاذ القرار الحكيم والآمن لحماية هذا الممر ببوتقة تجمعهم سويا، أو الانخراط بالتحالف الدولي الذي لم تحدد أطره إن كان سيقتصر عن صفة اامن الوقائي ، ام ينتقل الى التدخل العسكري، بحيث يتم ضرب قواعد انطلاق المسيرات والصواريخ وشل قدراتها  مع اصرار كتائب أنصار الله التابعة لـ “الحوثيين” على وقف العمليات العسكرية في غزة..

ما يمكن التعويل عليه هو المفاوضات التي بدأت منذ عدة أيام من خلال الاجتماع الذي ضم رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع في أوسلو والذي وفق بعض التسريبات أن نتائجه كانت إيجابية، إلا أنه من المبكر الحديث عن نتائج حاسمة، لأن الشروط التي سهلت قيام المرحلة الأولى من الهدنة التي أفضت إلى تبادل عدد من الأسرى، لا يمكن أن تتطابق مع الأوضاع الحالية نتيجة التطورات الميدانية، إلا أن السؤال الذي يطرح أن كانت الهدنة الثانية ستكون مقدمة للمباشرة في مفاوضات لتثبيتها، أم أنها ستكون مجرد جولة يستعيد فيها الطرفان أنفاسهم لخوض جولة أكثر دموية مع التهديدات التي يطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ليس فقط ضمن قطاع غزة إنما اتجاه لبنان، بالتزامن مع التحرك الفرنسي المتأرجح بعد إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والاكتفاء بزيارة وزير الخارجية كاترين كولونا، التي كانت محطتها الأولى في تل أبيب ومن المرجح أن تكون قد حملت معها رسائل تهديدية للداخل اللبناني حول تخفيف حدة التصعيد والعودة إلى القرار 1701 موسعًا أو مواجهة التهديدات الإسرائيلية العسكرية.

في المحصلة يبدو أن المنطقة تعيش حالة إرباك و”حبس الأنفاس” فهل تتنفس الصعداء بولادة تحالف دولي يضم الدول المطلة على هذا الممر والقطع البحرية العسكرية للولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية ودول أخرى كالصين التي تعرضت تجارتها لشرارات هذا المضيق، أم أن الأمور ستبقى في ثلاجة انتظار نتائج المعارك في غزة؟!