السبت 18 شوال 1445 ﻫ - 27 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد فوات الاوان

البلد زاخر بالأمثلة التي تتحدث عن ” التخبئة” وعن التخزين، ومن ابرز هذه الأمثلة: “خبَّي قرشك الأبيض ليومك الأسود”.

اللبناني نادرًا ما وثق بالسلطة، ولهذا يُخبئ كل شيء : الأدوية، المال، الطحين، المواد الغذائية، المحروقات، لا يثق اللبناني بالسلطة لأن تجاربه معها لا تشجعه على الوثوق بها:

محظوظون اللبنانيون الذين نجحوا في سحب بعض الأموال من المصارف.

محظوظون مَن نجحوا في تخزين بعض الأدوية للأمراض المستعصية.

محظوظون مَن نجحوا في توفير حليب الأطفال لأولادهم.

محظوظون مَن استطاعوا توفير بعض المحروقات ليستطيعوا الوصول إلى أشغالهم.

لو لم يفعل هؤلاء ما يفعلونه لكانوا واقفين في طوابير الذل أمام الصيدليات وأمام المصارف وأمام الأفران وأمام محطات المحروقات! فبماذا تعيِّرهم السلطة؟ هل بتبصَّرهِم؟ هل لأنهم لم يصدِّقوا وعودها؟ ألم يقُل لهم وزير الصحة:” لا داعي للهلع؟ فماذا كانت النتيجة؟ هلع ويزيد.

إن ” المرتاحين ” اليوم هُم الذين لم يُصدِّقوا وعود السلطة، بعكس الذين صدَّقوا وعودها فوقعوا في المحظور، وما زالوا فيه.
ثم منذ متى تهتم السلطة بالسلامة العامة للمواطنين؟ لو كانت تفعل ذلك لَما كنا وصلنا إلى هنا.

يقولون للناس: “انتم تُخزِّنون بطريقةٍ تشكِّل خطرًا على حياتكم” ولكن منذ متى تهتم السلطة بحياة الناس؟

هل اعطاء التراخيص لمحطات المحروقات بين المنازل، هو مطابق لمعايير السلامة العامة؟ هل توزُّع مولدات الكهرباء في الأحياء السكنية ، مع خزاناتها من المازوت، يطابق معايير السلامة العامة؟

دائمًا تتنبّه السلطة الى المخاطر “بعد فوات الأوان”، ولكن ماذا ينفع بعد ذلك؟ عمليًا لا شيء.

ان اكثر ما يخشاه المواطن هو ان تكون “اجراءات الضبط” أشبه بالاستعراضات والعراضات، فلماذا الاستفاقة اليوم وليس قبل ذلك؟ هل في الأمر ” قطبة مخفية في السياسة”؟ الجميع يعلم ان أماكن التخزين لا تُنجَز بين ليلةٍ وضحاها ، ولا تُنجَز بالسِر، بل إن أصغر أماكن التخزين يحتاج انجازه الى اكثر من شهر على الأقل، فكيف سُمِح لهم بذلك؟ ولماذا تُرِكوا يُمعنون في الخطأ إذا كان ما قاموا به خطأ؟ اللبنانيون تعودوا على استشعار الأزمات، فما هو الخطأ الذي قاموا به؟ فبدل ان تعاقبهم السلطة على استشعارهم للأزمات، كان يُفترض بها أن تعمل على معالجة الازمات لا ان تعاقب المواطنين لأنهم حاولوا المعالجة على طريقتهم بعدما يئسوا من أساليب السلطة التي لا تستفيق إلا بعد فوات الأوان، ولا توفِّر الدواء إلا بعد وفاة المريض.