الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

جيري ماهر: أعلن استقالتي

كتب الإعلامي والناشط السياسي جيري ماهر مقال له عبر جريد الوطن السعودية بعنوان أعلن إستقالتي, وجاء فيه:

 

بعد سنوات من الصراع مع النظام الإيراني وميليشياته الخبيثة في المنطقة العربية، وتمددهم في عواصمنا، وقتلهم عشرات الآلاف، وتهجيرهم الملايين،

أشعر بأنني اقتربت من تلك اللحظة التي أعلن فيها استقالتي من العمل الإعلامي والسياسي، ويزداد هذا الشعور أكثر فأكثر عندما أنظر حولي، فلا أجد من يتبنى الطرح الذي نقدمه ويعدّه كثيرون ذا «سقف عالٍ»، وكأن الصواريخ التي تنهمر على أراضينا وشعوبنا تتميز بسقف منخفض، وتنثر الورود والماء لا القتل والنار والدمار.

يزداد هذا الشعور كلما نظرت إلى سياسات بعض قادتنا في المنطقة، وهم يقدمون التنازلات لا لشيء، بل حفاظا على مصالحهم الشخصية والمالية والسياسية، وهم الذين لم يقدموا يوما تضحيات حقيقية على مذبح الوطن، فلا كانوا ثوارا ولا كانوا جنودا ولا حتى قادة بحجم المواجهة الحقيقية مع أعداء العرب والمسلمين من الفرس وسياساتهم التوسعية.

في تلك الليلة، جلست في اجتماع موسّع مع أصدقاء الدرب والمقاومة لمشروع ولاية الفقيه، وتحدثنا طويلا وحلّلنا الأوضاع، لنرى أين وصلت بنا سفينة المواجهة، وإن كان هناك من داع إلى استمرارنا في التصعيد وحيدين ومكشوفين، أمنيّا وسياسيّا وحتى ماليّا، وتركنا القرار النهائي مؤجلا إلى اليوم التالي.

استيقظنا صباحا، وككل يوم الساعة الـ7 صباحا بتوقيت الاتحاد الأوروبي، ووصلتنا رسائل عن لقاء أجرته «نيويورك تايمز» الأميركية مع ولي العهد محمد بن سلمان، هذا الشاب الذي ما زال يحمل كثيرا من الأمل في حقيبته وعقله وقلبه الشجاع، لآلاف الشباب العرب، فقرأنا ما جاء في مقابلته مع الصحيفة الأميركية، لنجد أنه صعد إلى ذلك السقف العالي الذي كنا نعمل فيه منفردين، ليزيد فينا الإصرار على الاستمرار، فمن كان ليتجرأ على تشبيه قائد النظام الإيراني الإرهابي، بزعيم النازية هتلر؟ ومن كان سيتجرأ على محاسبة الفاسدين، أمراء كانوا أو وزراء أو حتى رؤساء شركات؟

لقد أجاب الأمير الشاب عن أهم الأسئلة الدائرة اليوم في فلك الإعلام، وهي قضية تريّث الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته، وقال «إن الحريري، لن يستمر في توفير غطاء سياسي للحكومة اللبنانية التي تخضع بشكل رئيسي لسيطرة ميليشيا حزب الله اللبنانية، والتي بدورها تخضع بشكل رئيسي لسيطرة طهران».

وهنا تكون الرسالة الأهم وصلت إلى من يهمهم الأمر في لبنان، بأن السعودية لم تتخل عن لبنان، ولن تتركه في يد إيران، مهما كلّف الأمر.

أما بالنسبة لليمن، فقال ما قل ودل، استعدنا 85% من الأراضي اليمنية، ومستمرون حتى تحرير الأرض بالكامل، فلا يكون فيها مكان يسمح بإطلاق الصواريخ على المملكة العربية السعودية، أو أي من دول المنطقة.

محمد بن سلمان، لم يستسلم لإيران ولا لميليشياتها الإرهابية في المنطقة، فمن جهة يحارب إرهابها، ومن جهة أخرى يعزز اقتصاد المملكة، ومن جهة ثالثة يُؤمِّن زيارات المعتمرين والحجاج، ويسعى إلى إنهاء الصراع في سورية، وتحرير لبنان وحماية البحرين.

عندما ختم محمد بن سلمان لقاءه مع الصحيفة الأميركية قال جملة مهمة جدا: «إنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جدا، وقد تحدثت عن الكثير من الأمور، كما أنني حريص جدا على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري».

اليوم، وبعد ما سمعته من ولي العهد الشاب الجريء القائد لهذه الأمة، أسأل نفسي: هل ما زلت أشعر بأن علينا الاستقالة والتنحي عن واجبنا في الدفاع عن أرضنا العربية ومشروع محمد بن سلمان لهذه المنطقة؟ والجواب المنطقي لهذا السؤال سيكون بالطبع لا.. فلا يمكن أن نتخلى عن الحلم والمشروع تحت أي ظرف، طالما أن هنالك شابا حكيما حالما مصمما على الاستمرار والمواجهة، فنحن في سفينته مستمرون، وكلنا أمل في غدٍ أفضل لشعوبنا وأرضنا ومشروعنا في التحرر والتخلص من ولاية الفقيه ونظام الملالي الذي لا يقل إرهابا وخطرا عن «داعش» والقاعدة.

لن أتريث في الاستقالة، بل أؤكد أننا نتراجع عنها، وباقون ومستمرون، ولن نترك السفينة التي يقودها محمد بن سلمان، إلى جانب الحلفاء والأشقاء العرب، بل سنبقى داخلها نواجه المخاطر، ونحمي أمننا العربي القومي والإسلامي، حتى نصل إلى شواطئ مشروع البحر الأحمر ونيوم، وتخليص المنطقة من إرهاب إيران وميليشياتها الخبيثة، هي سرطان سيستأصله الحكيم محمد بن سلمان، في عملية جريئة تقودها المملكة منذ سنوات، وستستمر فيها حتى النهاية، ونحن إلى جانبها.

جيري ماهر