الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حين قال الرئيس الشهيد : "أستودع الله هذا البلد الحبيب"

هل كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يُدرِك ، بحدسه ، مصيره المشؤوم ؟

في العشرين من تشرين الأول 2004 وقبل قرابة الأربعة اشهر على اغتياله ، اصدر بيانًا ، بعد استقالته وعدم عودته إلى رئاسة الحكومة ، ختمه بمقطع استوقف الحلفاء والخصوم على حدٍّ سواء ، لِما تضمنت تلك الخاتمة من الم وقهر وصبر ، وقال فيها:
” إني أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب، وأعبّر من كل جوارحي عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية ” .

كأنه بتلك الخاتمة شاء ألا يُنهي حياته في السلطة التنفيذية مع الرئيس السابق العماد إميل لحود ، من دون ان يسجِّل خوفه على البلد وشعبه ، فقال كلمته الشهيرة ” استودع الله هذا البلد الحبيب وشعبه الطيب” …

كأنه كان يستشعر بالخطر الآتي على البلد خصوصًا مع بدء مسلسل الاغتيالات والذي استُهلَّ بمحاولة اغتيال صديقه النائب والوزير مروان حمادة في الأول من تشرين الأول 2004 ، اي قبل عشرين يومًا من بيان انسحابه من الحياة السياسية في السلطة التنفيذية .

( لأنعاش الذاكرة : حزب الله آنذاك ، إتهم إسرائيل بانها تقف وراء اغتيال مروان حماده ، ولكن ولسخرية القدر ، وبعد 15 عامًا تُصدِر المحكمة الدولية قرارها الإتهامي في قضية محاولة اغتيال حماده ، فتوجه اصابع الاتهام إلى القيادي في حزب الله سليم عياش ) .
مع بدء مسلسل الاغتيالات ، بدأ التضييق على القيادات الوطنية يشتد . ويروي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنه بعد محاولة اغتيال مروان حمادة ، اتصل به العماد السوري حكمت الشهابي وحذره قائلًا : ” انتبه يا وليد ” … كأن العماد الشهابي أراد الا يكون مصير وليد جنبلاط كمصير والده كمال جنبلاط الذي اغتيل في الطريق بين بيروت ، والمختارة ، وتحديدًا في بلدة ” دير دوريت ” الشوفية ، وأثبتت التحقيقات ان سوريا تقف وراء اغتياله .

كل هذه المحطات كانت ترتسم في عقل الرئيس الشهيد … ” قلبه على البلد ” لكن أحدًا لم يتوقع لحظة ان آلة الإغتيال ستصل إليه .

في مطلع شهر شباط 2005، كان الحريري تلقى مناشدة من صديقه الرئيس الفرنسي جاك شيراك بوجوب التزام الحذر، وبعدها بأيام، من مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تيري رود لارسن في الإطار نفسه.

في 13 شباط 2005 ، أي قبل اربع وعشرين ساعة على الإغتيال ، صدرت جريدة ” الحياة ” وعلى صدرِ صفحتها الأولى العنوان التالي :

” تحذيرات تلقتها دمشق من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا بعدم المس بأمن رفيق الحريري ووليد جنبلاط ” …
وقبل ان تمر اربعٌ وعشرون ساعة على هذا العنوان حتى كانت نيران الإنفجار قد احرقته .

سقط رفيق الحريري . لكن أين الذين اسقطوه اليوم ؟