الثلاثاء 14 شوال 1445 ﻫ - 23 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

قضاء في ظل دويلة

وكأنه كُتب على اللبنانيين العيش في ظلّ دويلة لا دولة مسؤولة عن شعبها، لا بل تقتل شعبها وخير دليل جريمة المرفأ، احدى أكبر المجازر الجماعية التي حلت على وطن، اما السؤال الوجيه والمطروح دائماً “لماذا يعمد حزب الله الى تهديد القاضي التحقيق طارق بيطار، على الرغم من انه يقوم بواجبه القضائي وفقاً لبروتوكولات قضائية فقط لا غير”؟!

من المتعارف عليه أن حزب الله غير راضٍ عن أداء القاضي بيطار، وقد جهر بذلك صراحة في خطاباته أمين عام حزب الله حسن نصر الله الذي تحدث بدوره عن الاستنسابية في ادعاءات القاضي بيطار على نواب ووزراء سابقين، مطالبا بالكشف الكامل عن نتائج التحقيق غير آبه تقنية التحقيق واستقلالية القضاء وكأن الضوء الاخضر عصاه السحرية في عزل القضاة و تعيين آخرين معتبراً نفسه المرشد الوحيد للمجلس الاعلى للقضاة وكأن لا حسيب ولا رقيب على القصاص غيره.

و الاشكالية الاساسية المطروحة، هل هناك فعلاً رقيب وحسيب على مسار القضاء غير نصر الله؟ الجواب الذي يطرح نفسه في هذا السياق بعيداً كل البعد عن الشعار الاساسي الذي يترأس كل جلسة ألا و هو ” العدل اساس الملك” بل هو محصور ومنسوب بـ ” العدل اساس المالك” و المالك الوحيد لهذا الوطن هو الورم الايراني المنتشر بما تبقى من دولة. اما ما يحدث مع القاضي بيطار، يدلّ على تبلور التفكك للدولة وغياب تام لاحترام استقلالية القضاء، فالسياسيون في لبنان لا يريدون أن يخضعوا للمساءلة، وما يفعله البيطار هو استدعاء شامل وواضح لكل المسؤولين السياسيين والأمنيين الذين تلقوا مراسلات أو وثائق تثبت معرفتهم بوجود نيترات الامونيوم ودخولها الى العنبر رقم ١٢ وهذا متفقاً عليه قانونياً، والسياسيون او اي كان مدعى عليه بهذه المجزرة مطالب بالخضوع للقانون والتعاون مع القضاء، لاننا من المفترض ان نكون شعب ومسؤولون تحت سقف القانون!

فادي صوان الذي جرى عزله بتهمة الارتياب المشروع وطارق البيطار الذي تم تهديده من قبل وفيق صفا – مسؤول وحدة التنسيق والارتباط لميليشيا حزب الله – كلاهما وصل بتحقيقاته إلى استدعاء مسؤولين سياسيين بينهم رئيس حكومة ووزراء إلى التحقيق مستندين قانونياً إلى معطيات جدية وحصرية في ملف المرفأ، وهذا ما دفع المتهمين والجهات الحزبية والطائفية التي تدعمهم الى شن حملات ضد التحقيق معكرين مساره و استقلاليته، ما يستدعي موقفاً حاسماً وجدي من الجهات القضائية.

بإختصار، القضاء يجب أن يكون في مأمن من التهديدات والترهيب، فلا ثقة بالقضاء اللبناني عموماً لأنه مازال تحت رحمة التسييس لصالح الجهة الأقوى في لبنان وعلى الشعب اتخاذ موقف سريع لان تداعيات هذا الامر يتخطى انفجار مرفأ بيروت ليصل الى التحكم بمفاصل الدولة اجمع.