الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 ﻫ - 21 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

كان يجب ان يعتذر في بداية العهد وليس في نهايته

حين خرج الرئيس سعد الحريري من اجتماعه التاسع عشر مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليُعلِن اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، كانت ردة الفعل الأولى لمصدر سياسي لبناني محايد أنه ” كان يجب ان يفعل ذلك منذ اجتماعه الثالث مع رئيس الجمهورية، بعد نحو اسبوعين على التكليف، والذي ابلغه فيه عدم موافقته على التشكيلة التي قدَّمها إليه في الإجتماع الثاني بينهما”.

الحريري كان يعرف من اليوم الأول لتكليفه أن الأمور ليست على ما يُرام بين بيت الوسط وبعبدا، كما ليست على ما يُرام بين بيت الوسط واكثر من عاصمة عربية ولاسيما الرياض، ومع ذلك ” كابَرَ وعاندَ “مراهنًا على ان الأمور كان يمكن ان تتبدَّل، لكن رهانه كان مبنيًا على سراب وليس على معطيات. كانت رئاسة الحكومة بالنسبةِ إليه ” حاجةً خاصة ” يريدها للخروج من مآزقه وورطاته، لكنه لم يُدرِك ان تخبطه سواء في السياسة او في غيرها، لن يعيده إلى السرايا.

حين شكَّل حكومته الأولى في هذا العهد، وصف رئيس الجمهورية تلك الحكومة بأنها”ليست حكومة العهد الأولى”، كان هذا التوصيف بمثابة صفعة للرئيس الحريري إذ كيف تُقلِع حكومته فيما يتبرأ منها رئيس الجمهورية في الاسابيع الأولى من العهد؟ من يومها كان يجب ان يستقيل إذ كيف يتعاون مع رئيس جمهورية لا يعتبر الحكومة حكومته ولا حكومة العهد الأولى؟

مرةً ثانية كان يجب ان يعتذر بعد طول المدة التي أمضاها لتشكيل حكومة بعد الانتخابات النيابية في أيار 2018، إذ أمضى ثمانية اشهر من دون تأليفٍ بسبب اشتراط العهد على الثلث المعطِّل وعلى توزير رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فكان للعهد ما اراد واقلعت الحكومة برضوخ كلي للعهد ومن ورائه حزب الله.

استقال بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الاول 2019، وقال كلمته الشهيرة أن ” موقعه الطبيعي مع الثوار” لكن هذه الكلمة لم تكن سوى محاولة يائسة لامتصاص نقمة الشارع عليه.

خرج من السلطة وكان يُفترض فيه ان يستخلص العبَر، لكن بدل ذلك بدا وكأنه لم يستخلص شيئًا، فحاول ” التسلل مجددًا إلى التكليف بعدما أحرق او ساهم في إحراق أوراق المرشحين المفترضين للتكليف: بهيج طبارة ، محمد الصفدي ، سمير الخطيب، ولمَّا لم يفلح في إحراق ورقة تسمية السفير مصطفى أديب، لئلا يتسبب في مشكلة مع الرئيس نجيب ميقاتي، عرَّاب السفير أديب، زرع الالغام السياسية في طريقه، إكتشف المكلَّف أديب “خارطة الالغام” المزروعة فاستعجل الاعتذار وعاد إلى المانيا.

ايُّ ” هوسٍ ” هذا برئاسة الحكومة أن يجعل الرئيس الحريري يتمسَّك بها حتى لو نعته رئيس الجمهورية بأنه ” يكذب ويقوم بتصاريح كاذبة “؟ وهذا مثبتٌ صوتًا وصورةً في اجتاع العماد عون مع الرئيس دياب في العاشر من كانون الثاني الفائت.

اعتذار الحريري تاخَّر اربع سنوات ونيِّف، كان يجب ان يعتذر في بداية العهد وليس في نهايته، ماذا تنفعه تسمية 65 نائبًا، وهو عدد النواب الذين سموه أخيرًا لتشكيل الحكومة، اي فقط نصف عدد اعضاء مجلس النواب زائدًا واحدًا، فيما معظم القوى الداخلية والخارجية نزعت عنه الثقة؟