الأثنين 26 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لا تُفرِطوا في التفاؤل

من عادة بعض السياسيين اللبنانيين الإفراط في التفاؤل حيال تطور معيَّن، وحين يعودون إلى ارض الواقع يجدون انهم ذهبوا بعيدًا في تفاؤلهم الذي يكون مبنيًا على أمنيات وليس على معطيات.

القمة السعودية- الفرنسية صدر عنها بيانٌ مشترك، التمعُّن في مضمونه، ولاسيما في الشق اللبناني منه، يُظهر بما لا يقبل الشك أنه إدانة لتقصير الحكومة اللبنانية وإدانة لممارسات حزب الله.

يقول البيان، في فقرته اللبنانية:

“في الشأن اللبناني، شدد الجانبان على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود، واتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير.
وأكدا ضرورة حصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات”.

دعاة التفاؤل، هل قرأوا البيان جيدًا؟

“حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية”، يعني نزع سلاح حزب الله.

“الا يكون لبنان منطلقًا لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدرًا لتجارة المخدِّرات”،

هذه الفقرة تصويب مباشر على حزب الله.

في خبر الإتصال، “تم الاتفاق بين الدول الثلاث على العمل المشترك لدعم الإصلاحات الشاملة الضرورية في لبنان.”. في هذا المجال، هل الحكومة قادرة على القيام ب”الاصلاحات الشاملة الضرورية”؟

لم يتأخر حزب الله في الرد على البيان المشترك للقمة، فشنَّ هجومًا عنيفًا على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمانن من خلال مقدمة قناة

“المنار” التي وصفت ولي العهد ب”الامير الطامح المتخبط بوحلِ اليمنِ ودماء ابنائه”.

لم تكتفِ قناة ” المنار” بذلك بل عادت إلى وصف حرب اليمن بأنها”حربٌ اجراميةٌ عبثيةٌ لا انسانية، لن تغيرَ حقيقتَها الحملةُ المسعورةُ على الوزيرِ جورج قرداحي، ولا حصارُ اللبنانيين، ولا توترُ المتورطينَ في كيلِ النكدِ السياسي والتطبيلِ في الموسمِ الانتخاب”.

وقللت المنار من أهمية الاتصال الثلاثي، فسألت:”وماذا عن ديمومةِ حبلِ الاتصالِ الذي مدَّه ماكرون ايضاً بينَ الاميرِ السعودي ورئيسِ الحكومةِ اللبنانيةِ نجيب ميقاتي، وهل يكفي الدعمُ بالبياناتِ من دونِ رفعِ الحصارِ والتعاملِ بنديةٍ واحترام ؟”

من خلال كل ما تقدَّم، أين قرأ المتفائلون التفاؤل؟ فحين يشن حزب الله هجومًا إعلاميًا سياسيًا على المملكة وعلى ولي العهد شخصيًا، ويستخدم أقسى العبارات، فهل يكون بذلِك يسهِّل عمل الحكومة.

ربما فات المتفائلين أيضًا أن البيان المشترك السعودي الفرنسي يُظهِر تبني فرنسا بشكلٍ كامل الثوابت السعودية بخصوص حرب اليمن، فيقول:

“وفي الشأن اليمني، أكدت فرنسا دعمها الكامل لمبادرة السلام السعودية التي تم تقديمها في 22 مارس (آذار) 2021، كما أدانت الاعتداءات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي، وأكدت التزامها التاريخي بالحفاظ على أمن المملكة.”.

ربما الحاجة إلى التفاؤل ضرورية وحيوية، ولكن من الخطا المميت بناء التفاؤل على الرمال لأنه سيسقط عند اول عاصفة، سواء اكانت سياسية أو إعلامية، وما مقدمة قناة ” المنار” سوى عيِّنة من هذه العواصف.