الأربعاء 13 ذو القعدة 1445 ﻫ - 22 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لا ينفع أن تدفن السلطة رأسها في الرمال

في الديبلوماسية، غالبًا ما يكون الشكل بأهمية المضمون، فنسمع احيانًا عن لقاءٍ ما ان “المصافحة كانت باردة” أو ان الإستقبال”لم يكن على المستوى المنتظَر من التمثيل”.

جرى تتبُّع الشكل كثيرًا في الشهرين الأخيرين في لبنان وفي الملفات التي تتعلَّق بلبنان، الدول المعنية بالملف اللبناني باتت تتعاطى بشيء من الإزدراء مع الطبقة السياسية، في مقابل إعطاء الأهمية القصوى للحفاظ على المؤسسات التي تشكِّل العمود الفقري والنواة لعدم انهيار هذه المؤسسات التي تشكِّل حجر الزاوية لأعادة بناء الدولة، وفي مقدَّمها القضاء والمؤسسة العسكرية.

مقارنةٌ بسيطة تؤكِّد ما سبق:

حين زار قائد الجيش العماد جوزاف عون فرنسا، بناءً على دعوة من نظيره الفرنسي، استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حتى من دون صدور بيان وحتى من دون توزيع صورةٍ عن اللقاء، فإن خبر الإستقبال بحد ذاته هو في قمة الأهمية.

في المقابل، حين دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب السفراء العرب والأجانب، ليشرح لهم الواقع اللبناني، ويطلب المساعدة، قوبل برفضٍ من السفراء، لا بل ان السفيرة الفرنسية ردَّت عليه بما يشبه ” التوبيخ ” بعد كلامه ” غير الديبلوماسي ” الذي حمَّل فيه الدول مسؤولية الانهيار في البلد والحصار عليه، مع العِلم ان القاضي والداني يعرف ان السلطة ليست في السرايا او بعبدا بل في حارة حريك.

والتوبيخ الفرنسي ليس مفاجئًا، الم يوبِّخ سابقًا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الطبقة السياسية اللبنانية ؟ الم يفعل ذلك قبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟

ألم يقرأ الرئيس دياب ” رسالة ” غياب السفير السعودي عن اجتماع السرايا؟

حتى زيارة السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا والسفيرة الفرنسية آن غريو إلى المملكة العربية السعودية ، كان سقفها محاولة اخذ وعد بالحصول على مساعدات للمؤسسة العسكرية لأن السفيرتين تعرفان أن موقف المملكة معروف ولا حاجة إلى تكراره : المملكة ليست مع حكومة القرار فيها لحزب الله ، ورئيسها ووزراؤها ” أداة طيِّعة ” في يده . والمطلوب من لبنان:
حكومة مستقلة عن حزب الله.

البدء بالإصلاحات السياسية.

بعدها تأتي القروض والمساعدات.

وهذا الهرم لا يمكن قلبُه والبدء من البند الثالث.

ولنعُد إلى الشكل في الديبلوماسية، في زيارة السفيرتين إلى المملكة، اللقاء كان مع وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والاقتصادية السفير عيد بن محمد الثقفي، ما يعني ان المحادثات لم تتخطَّ مسالة المساعدات، فهل وصلت الرسالة إلى السلطة اللبنانية ، ولو عبر السفيرتين الأميركية واللبنانية؟

غدًا الاثنين ستستكمل السفيرتان ما قامتا به في الرياض، من خلال اجتماع مع السفير السعودي في بيروت في دار السفارة في اليرزة، لكن المكتوب يُقرأ من عنوانه : لا مساعدات قبل الإصلاحات، وكيف تتحقق الإصلاحات إذا كان حزب الله مسيطرًا على السلطة .