الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مصادر اقتصادية: قرار حكومة دياب بعدم سداد لبنان متوجباته الدولية كان الضربة القاضية

الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الدراماتيكي غير المسبوق في لبنان يبدو انه لم يهزّ الطبقة السياسية الحاكمة التي تتغاضى عن معالجة الخلل الكبير الذي وصلنا اليه بسبب عدم وجود خطط ودراسات مع سياسة فاسدة مستشرية في البلد، وما البيان الذي صدر خلال الساعات الماضية عن البنك الدولي “المرصد الاقتصادي للبنان: الإنكار الكبير” الا توصيف حقيقي للواقع المهترىء الذي يطال الشعب اللبناني بكافة شرائحه، وعلى الرغم من ان البيان دوري في توقيته ولكنه كان لافتا حيث عمد الى وضع النقاط على حروف هذه الازمة وهو اعتبر فيه ان الكساد متعمّد ومستمر ومن تدبير قيادات النخبة التي تسيطر على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية ، وذهب البيان الى اعتبار ان الازمة التي يمر بها لبنان هي واحدة من أشد عشر ازمات، وربما أشد ثلاث أزمات في العالم منذ خمسينيات القرن التاسع عشر.

مصادر سياسية اقتصادية مخضرمة تؤكد ان تقرير البنك الدولي ليس الاول وقد سبقته تقارير دورية تحذيرية ممثالة، ولكنه قد يكون الاشد بسبب خطورة الوضع الذي وصلنا اليه، واذ هو يتحدث عن النتائج الكارثية من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي، لكنه يخشى الدخول في الامور السياسية لانه يعتبر ان الامر ليس من صلاحياته، وتشير المصادر الى ان الوضع الاقتصادي في لبنان بدأ بالانحدار بشكل كبير خلال السنوات الخمس الاخيرة بحيث اصبح اسوأ من وضع اليونان لدى الاعلان عن افلاسها ولكن افظع ما في الموضوع استمرارالانهياردون معالجة ودون اتخاذ اي خطوات اصلاحية بسبب حسابات سياسية داخلية ضيقة .

وتوافق المصادر بيان البنك الدولي في الارقام والنتائج الذي سردها والتوصيف المعلن لكنها ترفض تحميل مسؤولية ما حصل للجميع ، خصوصا انه كان هناك من وضع الخطط وسعى الى تنفيذها وهو الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي مُنع من تنفيذها بسبب وقوف فريق سياسي في وجهه تسلم الوزارات الاساسية كالطاقة والاتصالات حينها.

وتعود المصادر الى ما قبل العام 2000 وتحديدا عندما قام الرئيس الشهيد بوضع خطة شاملة للكهرباء لمعالجة الملف على ان تنفذ ضمن ثلاث مراحل ، وبالفعل تم تنفيذ المرحلة الاولى ما بين العام 1996و1998 بمعرفة مباشرة من مكتب البنك الدولي الذي كان موجودا حينها في بيروت، وهذه المرحلة سمحت بأن تتمتع بيروت بساعات تغذية وصلت الى 24/24 و21/24 في كافة المناطق اللبنانية، ولكن عندما حان تنفيذ المرحلة الثانية للخطة انتُخب اميل لحود رئيسا للجمهورية فسعى الى عرقلة المشروع بكافة مندرجاته، وكان هدفه واضحا وهو العمل لإيقاف تنفيذ كل المشاريع والخطط الموضوعة من قبل الرئيس رفيق الحريري رغم فوزه الساحق في انتخابات العام 2000 حينها لكنه لم يستطع فرض تنفيذ مشاريعه.

وتشير المصادر الى اهمية المؤتمرات التي عقدت في اوائل الالفية الثانية من اجل مساعدة لبنان وكان باريس 1 وباريس 2، و حينها تم وضع برنامج اصلاحي مالي اقتصادي بالكامل مقدم للبنان وشارك بوضعه البنك الدولي وصندوق النقد والدول المانحة والمؤسسات المالية، ولكن لاسباب سياسية أيضا بقيّ البرنامج حبرا على ورق.

وتُحمل المصادر مسؤولية تعطيل ووقف الاصلاحات الى كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارتي الطاقة والاتصالات بإستثناء الوزير مروان حمادة الذي حاول تطبيق جزء من القانون المتعلق بالهيئة الناظمة في قطاع الاتصالات. اما القوانين الاصلاحية الاخرى واولها المتعلقة في قطاع الكهرباء فوضعت في الادراج، وكل هذا ادى الى ما وصلنا اليه من انهيار لا سيما في قطاع الكهرباء الذي كلف لبنان 40مليار دولار.

المصادر الاقتصادية المطلعة تستغرب عدم تطرق البيان الى السبب الاساسي والاهم الذي اوصلنا الى هذه الازمة الكبيرة والذي كان بمثابة الضربة القاضية، وهو القرار الذي اتخذته حكومة الرئيس حسان دياب بعدم دفع السندات المتوجبة على لبنان قبل يومين فقط من موعد السداد، وتلفت المصادر الى ان هذه نقطة مهمة كان على بيان البنك وجوب الاشارة اليها خصوصا انه كان بإمكان الحكومة حينها دفع المبلغ المتوجب ومن ثم بدء المفاوضات والوصول الى اتفاق لتقسيط المبالغ المتبقية.
المصادر تشدد على ان تغيير المنظومة السياسية الراهنة وحده هو الذي يمكن ان يضع قطار الاصلاح على السكة الصحيحة ومنها تبدأ عودة تعافي لبنان.