الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

معاناة الجسم القضائي وتشرذمه... فأيُّ عدالة ستستقيم؟

حين لا تكون دفَّتا العدالة بخير،فهذا يعني ان القضاء في لبنان ليس بخير، والمقصود بدفتَي العدالة الجسم القضائي والسلطة القضائية وجسم المحاماة .

جسم المحاماة، مهنيًا،ليس في حال صحية مريحة تُطمئن المواطنين أصحاب الدعاوى كما لا تطمئن المجتمع المدني بشكلٍ عام، فهذا الجسم في تحدٍّ شبه يومي مع ضغوطات سياسية وضغوطات أمنية، ما يعيق عمله في المحاكم وقصور العدل.

وفي الموازاة، الجسم القضائي ليس بخير انطلاقًا من عدة مؤشرات التي يُصنَّف بعضها في خانة”الخطيرة”، ومنها :
إتصالات هاتفية بمكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود من قِبَل ” مجهول “، تضمنت تهديدات مباشرة له ولأفراد عائلته بالأذى الجسدي، كما ان تهديدات مماثلة طاولت مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.

وتندرج التهديدات للقاضي عبود في خانة رفضه الإملاءات بالموافقة على تعيينات في مجلس القضاء الاعلى التي اقترحتها وزيرة العدل ماري كلود نجم. كما تندرج التهديدات للقاضي غسان عويدات في خانة رفضه الإمتثال إلى ما يُطلَب منه في موضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

ومن مؤشرات ترنح الجسم القضائي:

تعطيل التشكيلات القضائية ومنع رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود والمجلس من إعادة إطلاق عجلة العمل القضائي، من خلال قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الامتناع عن توقيعها على رغم مرور سنة وشهرين على وجودها في ادراج مكتبه.

وأخيرًا وليس آخرًا، في تصدُّع الجسم القضائي، التغريدة الاحدث للقاضية غادة عون والتي فيها إيحاء بالتمرد حيث كتبت: “مصادرة القرار القضائي مستمرة، يا قضاة انتفضوا ولا تقبلوا باقل من اقرار قانون استقلال السلطة القضائية”.

ما كانت القاضية غادة عون لتُقدِم على رفع السقف لو لم تكن مدعومة من رئيس الجمهورية ومستشاره للشؤون القانونية وزير العدل السابق سليم جريصاتي.

هكذا يكون القضاء اللبناني، للمرة الأولى في تاريخه، مشرذم على النحو التالي:

جبهة رئيس الجمهورية، وتضم مستشاره سليم جريصاتي، وزيرة العدل ماري كلود نجم، القاضية غادة عون ورئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيه، في مقابل جبهة قضائية تضم رئيس مجلس القضاء الاعلى، مدعي عام التمييز ورئيس التفتيش القضائي، وجبهة ثالثة قوامها نادي القضاة.

في ظل هذا التشرذم، عن أي استقلالية قضاء نتكلم؟ وما هو مصير الملفات القضائية؟

والأخطر من كل ذلك ان هذا التشرذم يتزامن مع اخطر ملف ينظر فيه القضاء اللبناني وهو ملف انفجار المرفأ.

في المحصلة، إذا تصدَّع جسم المحاماة، يفقد المواطن سند الدفاع، وإذا ما تشرذم القضاء يفقد المواطن أمل الوصول إلى العدالة.