الأثنين 19 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مع الرئيس عون أَقفِل كتاب الدستور.. إفتَح كتاب التاريخ

مَن يقرأ الحديث الصحافي الأخير لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يختلط عليه الأمر فيخال أن الحديث مأخوذ عام 1989 ايام الحكومة العسكرية التي كان يترأسها العماد عون، وليس ماخوذًا عام 2021 ، في السنة “الأخيرة”(نظريًا)من ولايته.

يقول الرئيس عون في حديثه:” لن يأتي بعدي رئيس كما قبلي، لن يكون بعد الان رئيس للجمهورية لا يمثل احدا ولا يمثل نفسه حتى، بل ابن قاعدته”.

في هذا الكلام تعارضٌ مع الدستور، فليس لرئيس الجمهورية أن يحدد مواصفات مَن ياتي بعده خصوصًا أنه استخدم “حرف المنع” (لن).

أكثر من ذلك، فإن هذا الكلام هو بمثابة ” فيتو” على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، لأنه وفق معايير رئيس الجمهورية ” لا يمثل احدا ولا يمثل نفسه” لأن مقاييس التمثيل تحددها صناديق الإقتراع ، والعماد جوزيف عون لم يختبر صناديق الإقتراع.

اما الاخطر في الحديث، فهو قوله:” لن أٌسلِّم إلى الفراغ”، هذا تعارضٌ آخر مع الدستور، فليس لرئيس الجمهورية، اي رئيس جمهورية، ان يبقى لحظةً واحدة في القصر الجمهورين بعد انتهاء ولايته، لأنه في الدستور ليس هناك فراغ على مستوى السلطة التنفيذية، ففي دستور الطائف المعمول به:

“تُناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعًا”،

وفي قول رئيس الجمهورية “لن أُسلِّم إلى الفراغ”، إنقلابٌ على الدستور، فهل يفعلها ويبقى في القصر الجمهوري إلى حين انتخاب رئيس وفق المواصفات التي حددها هو؟ ولا يعترف بالرئيس الذي لا يستوفي المواصفات التي حددها؟

هذا يعني ان الرئيس لا يقرأ في كتاب الدستور بل في كتاب التاريخ ولاسيما للمرحلة ما بين 1988 و1990، فماذا كان في تلك المرحلة؟

عُيِّن رئيسًا لحكومةٍ انتقالية لتُشرِف على إجراء الانتخابات الرئاسية، بعدما انتهت ولاية الرئيس امين الجميل من دون انتخابٍ خلف له، لكن بدل ان يهيئ الأجواء لانتخاب رئيس جديد، كما فعل اللواء فؤاد شهاب حين عُيِن رئيسًا للحكومة العسكرية فهيّأ الاجواء لانتخاب رئيس جديد، اعلن انه لا يجوز اجراء الانتخابات الرئاسية في ظل وجود الاحتلالات.

” العقبة ” الثانية التي وضعها لعدم إجراء الانتخابات الرئاسية، ان مجلس النواب ممدّد له، وبالتالي غير شرعي، وعليه” كيف يجوز لمجلسٍ غير شرعي ان ينتخب رئيس الجمهورية”؟

هكذا يُعدُّ رئيس الجمهورية ” مسرح 2021 ” لرفع الستارة عن ” مسرحية 1989″:

لا انتخاب لرئيس “لا يمثل احدا ولا يمثل نفسه”.

“لن أُسلِّم إلى الفراغ”.

وفي حال لم تَجرِ الإنتخابات النيابية، فإن الذريعة جاهزة:”مجلسٌ ممدّد له لا يستطيع انتخاب رئيس”.

هكذا يكتمل السيناريو، ويبقى رئيس الجمهورية في قصر بعبدا بموجب القراءة في كتاب التاريخ وفي الدراسة التي سيُعدُّها( وربما اعدَّها)فريقه القانوني عن ” جواز الاستمرار في سدّة الرئاسة”، وليس القراءة في الدستور.

مَن قال “إن التاريخ لا يعيد نفسه”؟