الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

من "نداء أيلول 2000" إلى "نداء شباط 2021" بكركي تُطلِق معركة الحياد

في الخامس من تموز الفائت فاجأ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اللبنانيين بنداء وَرَد في عظة قداس الأحد ، لأنه تضمَّن موقفًا متقدمًا وسقفًا عاليًا في جرأته ، حيث قال : “نطلب من الدولِ الصديقةِ الإسراعَ إلى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرّضَ لخطر. ونتوجّه إلى منظَّمة الأمم المتّحدة للعمل على إعادةِ تثبيتِ استقلالِ لبنان ووحدتِه، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلانِ حياده. فحيادُ لبنان هو ضمانُ وِحدته وتموضعه التاريخيّ في هذه المرحلةِ المليئةِ بالتغييراتِ الجغرافيّةِ والدستوريّة. حيادُ لبنان هو قوّته وضمانة دوره في استقرار المنطقة والدفاع عن حقوق الدول العربية وقضية السلام، وفي العلاقة السليمة بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا بحكم موقعه على شاطئ المتوسّط”.

دُهِش المراقبون من مضمون كلام البطريرك الراعي وتوقيته، لكن هذا الكلام لم يكن ” صاعقة في سماء صافية ” بل نتيجة تراكمات سلبية يعاني منها اللبنانيون في ظل عجز السلطة التنفيذية عن القيام بواجباتها .

واظب الراعي على موقفه منذ الخامس من تموز ، وما تسبب في رفع السقف ، انفجار المرفأ الذي تسبب في أكثر من مئتي ضحية وستة آلاف جريح وتدمير المرفأ ونصف العاصمة بيروت ، ومع ذلك لم تحرِّك السلطة التنفيذية ساكنًا .
اليوم ، وبعد اكثر من خمس وثلاثين عظة للبطريرك الراعي ، على مدى ثمانية أشهر ، اتخذ قرارًا بعدم التراجع.

وثمة مَن يقارن موقف البطريرك الراعي اليوم بنداء بكركي الشهير في الأول من ايلول 2000 حين طالب البطريرك الراحل مارنصرالله بطرس صفير بإنهاء الإحتلال السوري للبنان ، وكان ذلك النداء الشرارة التي حرَّكت الشارع اللبناني وصولًا إلى العام 2005 واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، وشكَّل هذا الاغتيال الانفجار الشعبي المليوني العابر للمناطق والمذاهب والطوائف والذي ارغم السوريين ليس على ” إعادة الإنتشار في البقاع ” ( وفق اتفاق الطائف ) بل على الإنسحاب الكامل من لبنان .

اليوم ، يكاد التاريخ ان يعيد نفسه :

عشرون عامًا على ” نداء بكركي 2000 ” ، فهل يكون ” نداء بكركي 2021 ” الشرارة التي ستُطلِق رحلة الالف ميل إلى حياد لبنان عبر مؤتمر دولي يحفظ استقلاله ووحدته وحدوده المعترف بها دوليًا ؟

لا عودة إلى الوراء ، والمهم كيف سيتلقف كل اللبنانيين هذه المبادرة ؟ وكيف ستتعاطى الدول الفاعلة مع هذه الصرخة ؟ وما هي الخطوات التالية وصولًا إلى الهدف .

ما تقوم به بكركي هو محاولة لملء الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية ، ولأن ” الطبيعة تأبى الفراغ ” ( وهذا مبدأ في الفيزياء ، ويمكن استخدامه في السياسة ) ، فإن ملء الفراغ جاء هذه المرة من بكركي بعدما أُفرِغَت مواقع السلطة التنفيذية من طاقتها وفقدت ثقة الشعب بها .